محمد أحمد بابا

فخر الجدية ومعاول التفاهات

الاحد - 24 سبتمبر 2017

Sun - 24 Sep 2017

الاحتفاظ بأية طقوس من زمن مضى كتراث من ثقافات الشعوب لا يعني أبدا أن نجعل من المبتذل محترما، ولا أن نسوق للعالم بعض أعمال واشتغالات ماضية على أنها (وااااو) وهي عند أهلها في زمانهم كانت (يااااي).

لأنني أعتقد بأن مثل هذه المحاولات التي انطلت ونجحت في بعض أحيان هي من ذات المشكاة التي استضاء بها بعض من سلفوا في خفية من غفلة العالم فزوروا في التاريخ كما يريدون.

إذ لا يمكن أن نقدم للناس والعالم اليوم بعض تفاهات أشغلت تافهين مضوا إلى ربهم بما عملوا على أنها جزء من أصالة ثقافة مجتمع، إلا إذا كنا نريد أن نجعل من هضم حقوق في العصور الوسطى ثقافة للفخر والاعتزاز.

يا كلّ من يهتم بالفن والفنون كأمر نحترمه جميعا ما عليك إلا أن تضع الأمور في سياقها الذي كانت عليه في زمن تستدل به واترك الحكم للمتلقي يعجبه أو ينبذه.. أليست هذه هي الحرية؟

من الظلم في طرح المعلومات أن نسعى لتفصيح اسم (الرقاصة) لنسميها (راقصة) فينتج عن ذلك فن حارب كثيرون لجعله (رقصا شرقيا) من تراث أمتنا.

ومن المعيب أن يتحول اسم (الطقاقة) إلى (فنانة) في تلميع لاشتغال هو في مكانه لائق ومتوقع لا يحتاج لأن يتبناه فرع لوزارة الشؤون الاجتماعية، ولا جمعية للثقافة والفنون.

بعيدا عن الحكم أو الإقصاء أو الذم أو المدح، فقط نتمنى ترك الشيء في مكانه، ثم لينظر له المهتم في بيئته، لا أن يحكم على صحة الأحاديث في محطة البنزين، أو أن تسلم شهادات تخرج للمنجمين في معرض كتاب.

فمع اعترافي بأن تفسخ الحالات متوقع بتوالي السنوات، وتبدل الصفات وارد بتتابع الحقب، واستدارة الثقافات حيث التفاتات الماضي سنة حياتية، إلا أن مقاومة التطبيع مع فوضى الاعتبارات شأن المفكرين وغاية أمل المحامين عن أصل تاريخ وجذور حضارات.

وخلط حابل الموروث بنابل الاستخفاف يجعل من باب ادعاءات الفرقاء ميدان عداء وربما استعداء يستدعى له من لا ناقة له فيه ولا جمل دفاعا عن سحاب أصل وغثاء أثر في منهجية اجتهادات ناقصة.

في كل أروقة الثقافات يوجد غث طرح وسمين تأصيل، والراسخون في تتبع المتغيرات بما أوتوا من أدوات فحص وبحث علمي تراثي وتاريخي يعلمون بأن ما يرونه إنما هو اتباع موجة إثر موجة ألقت بمادة التاريخ في عراء الانتقاء.

في وطننا من مرامي الفخر توحيد مملكة وترسيخ عقيدة وأمن إسلام وبناء حكام نصحوا لله ولرسوله ولشعبهم فأضحينا بالسعودية مشتركي موروث بأننا الأجدى بالاحتذاء ماضيا وحاضرا.

قواسم وطني المشتركة في جهاته الأربع تمزج الموروث مع غاية المواطنة لتجعل من الحجازي شرقي الحب، ومن الجنوبي شمالي الاتجاه، ومن الغربي وسطي الاتباع، في انسياق أهداف ووحدة افتخار لا تصادر خصوصية أماكن ولا مميزات جموع.

وهويتنا هي السعودية، ورمز بنائنا هو الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود رحمه ربي وجزاه عن كل مواطن خير ما يجازى به إمام عن رعيته، وقلوبنا واحدة مجتمعة على أساس وركن ثمين هو ولاء تام في بيعة قناعة راسخة لسلمان بن عبدالعزيز حيث وصلت له تسلسل استحقاق بعد إخوة حكموا فعدلوا في آثار لا تخفى إلا على ذي لؤم.

ومن هنا يبدأ كل موروث ذي نفع وجدية اعتزاز بأن في تاريخ المملكة العربية السعودية شواهد فخر تسكن ذاكرة الجميع.