محمد حطحوط

سرقة الأفكار والأحرف

السبت - 23 سبتمبر 2017

Sat - 23 Sep 2017

من القصص المضحكة أني زرت القصيم مرة بدعوة كريمة من أميرها الخلوق، وزرت مؤسسات وجمعيات مختلفة وذهلت من عملها وإتقانها وتفانيها في خدمة المنطقة، وكتبت مقالا عنوانه (كيف يحل القصمان مشاكلهم) وبعد المقال بستة أشهر، انتشر مرة أخرى حتى فوجئت باتصال صديق يشغل منصبا مرموقا في وزارة سعودية يسأل: هل لديك مقال بذات العنوان ولكن لمنطقة أخرى غير القصيم؟ فقلت لا! فقال: وزيرنا وضع قبل قليل صورة لمقال لك يبدو مفبركا باسمك قام به شخص مجهول ونسبه لمدينة سعودية أخرى!

قصة أخرى تحدث الآن عن (قائمة الإهمال) وهو مقال كتبته قبل أشهر حصد انتشارا واسعا وقتها في منصات التواصل الاجتماعي، ثم تلاشى مع الزحام، كأي مقال آخر يكون له بداية ثم ذروة ثم انحدار. قبل أيام تم نبشه مجددا وتداوله على شكل أوسع في تطبيق (الواتس اب) ولكن هذه المرة بدون اسم كاتبه، حيث تم نسبته إلى رجل أعمال، ومرة إلى مدرب شهير.. والقائمة تتوالى! وهذا قاد لفكرة مقال اليوم لماذا نسرق الأفكار من بعض؟ هل هي قضية أخلاقية أم ظاهرة طبيعية لغياب سيف القانون؟

نحن نتكلم عن الاختلاس المباشر، وهو أخذ جهد شخص آخر ثم نسبته لنفسك أو تجريده من كاتبه. لأن البعض يخلط بينه وبين اقتباس الأفكار من الآخرين ثم تطويرها والإضافة عليها. وحتى يتضح المقصود (الفأرة) والتي غيرت عالم الحواسيب عندما أحضرها ستيف جوبز لأول ماكنتوش، لا يعلم الكثير أن اختراع (الفأرة) من اختراع IBM، ولكنها وقتها لا تعلم ما تفعل به، فأخذ الفكرة هنا جوبز وقدمها بقالب نوعا ما جديد. لم (يقتبس) الرجل هذه فحسب، بل جهاز (الأيبود) الصغير والذي حول الشركة من شركة تقترب من الإفلاس لشركة قوائمها المالية خضراء، نظرا لأن الأيبود كان يمثل 52% من مبيعات الشركة! وجده الرجل على هامش مؤتمر في اليابان لدى شركة يابانية لا تعلم ما تفعل به، واشترى حقوقه كاملة، في ظل ذهول اليابانيين من هذا الأمريكي الأخرق الذي يدفع كل هذه الملايين لاختراع لا قيمة له – تقريبا - وقتها! ولكن الرجل قبلها بأشهر قرأ إحصائية أن الشعب الأمريكي والذي يبلغ تعداده 300 مليون نسمة ابتاع 300 مليون سي دي، في فورة السيديهات، مطلع الألفية. لهذا أدرك الرجل أن اختراعه - الذي أخذه حرفيا من اليابان - سيقلب صناعة الموسيقى رأسا على عقب، وهذا ما حدث بالفعل، حيث تلاه الآيتونز الذي غير قواعد اللعبة تماما.

مدير تطوير العمليات في ديزني والذي أمضى فيها عشر سنوات، قرأت في مذكراته الشخصية The Customer rules، والذي كان يبهر الناس بأفكاره التي لا تنتهي، سر تميزه وعقله الذي لا ينضب من الأفكار.. يقول الرجل: كن كالإسفنجة لأي فكرة.. لدي دفتر صغير معي أينما سافرت حول العالم، أي فكرة مهما كانت صغيرة، أدونها وأنقلها إلى ديزني، هذه الأفكار الصغيرة مع الوقت تحدث تغييرا مذهلا بعد سنوات.. هذا بكل اختصار ما كنت أفعله!

لهذا عزيزي السارق: اسرق باحترافية (الفكرة) ثم أضف عليها وطورها مثل جوبز وديزني، ودع عنك أسلوب (القص) و(اللصق) قبل أن تجد اسمك ترندا في هاشتاق يوما من الأيام!

لماذا نسرق الأفكار من بعض؟

الاختلاس المباشر، وهو أخذ جهد شخص آخر ثم نسبته لنفسك أو تجريده من كاتبه

لا يعلم الكثير أن اختراع (الفأرة) من اختراع IBM

• أخذ الفكرة هنا جوبز وقدمها بقالب نوعا ما جديد

• الأيبود كان يمثل 52 % من مبيعات الشركة

• إحصائية أن الشعب الأمريكي والذي يبلغ تعداده 300 مليون نسمة ابتاع 300 مليون سي دي

• مدير تطوير العمليات في ديزني يقول كن كالإسفنجة لأي فكرة..

@mhathut