عبدالله المزهر

اللوحة دولي!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الأربعاء - 20 سبتمبر 2017

Wed - 20 Sep 2017

جاء في تعريف الاستنساخ: «هو الحصول على صورة طبق الأصل من النسخة الأصلية، عن طريق زرع خلية عادية في بويضة أفرغت من الكروموسوم، أي من الإرث الجيني، بحيث تصبح خلية قابلة للتكاثر عن طريق الانقسام الخليوي المعتاد، ثم ملؤها بخلية أخرى من كائن مكتمل النمو، تحمل صفاته الوراثية وزرعها في رحم أنثى بالغة، لتأتي النتيجة جنينا أو مولودا مستنسخا من صاحب الخلية المزروعة» ا.هـ

ومنذ أن ظهرت النعجة دولي على الساحة في آخر سنوات القرن الماضي بدت العملية ممكنة علميا، وهذا ربما أغرى بعض التيارات الفكرية ـ التي تكره البحث العلمي ـ وجعلها تحاول تطبيق هذه التجربة على البشر لكن دون معامل وأبحاث وتجارب علمية.

فكرة هؤلاء تعتمد على «إجبار» المجتمع بأن يكونوا نسخا متطابقة في كل شيء، يكرهون ذات الأشياء ويحبون ذات الأشياء ويعجبون بلون ويمقتون آخر.

يريدون من المجتمع أن «يتحاشر» في زاوية واحدة ينظرون من خلالها إلى الأشياء والمواقف والقرارات والموت والحياة.

في فترة ما كان فريق يهدد الناس بالنار ويخرجهم من الدين إن لم يكونوا نسخة مطابقة له، ثم أتى بعدهم أقوام يهددون الناس بالسجن ويخرجونهم من تحت عباءة الوطن لأنهم مختلفون، العامل المشترك بين هذين الفريقين هو استعداء الدولة على المخالف ومحاولة تشويه صورته وسمعته. فشل الأولون وسيفشل الآخرون، لأن طبيعة الناس التي خلقها الله تجعلهم مختلفين يتمايزون بالعقول والأفكار والاتجاهات والآراء ولا مبدل لخلق الله.

والمشكلة ليست في محاولات جعل الناس نسخا متطابقة، ففشل هذه المحاولات حتمي، لكن الإشكالية أن سنينا ضاعت من حياة الناس وهم يقاومون الفريق الأول، حتى توقف فيها المجتمع عن الحركة تقريبا، وستضيع سنون أخرى من حياة البشر الطبيعيين وهم يقاومون الفريق الثاني.

محاولة إجبار الناس ترغيبا أو ترهيبا أن يكونوا نسخا متشابهة ليست أكثر من عصا توقف عجلة الحياة الطبيعية التي يكمن جمالها في تنوعها واختلافها.

وعلى أي حال..

سألني صديقي الفنان التشكيلي عن لوحته الجديدة، فقلت إنها قبيحة، وكانت ستكون جميلة لو رسمها بلون واحد فقط ودون أن تكون لها معالم، لون واحد يكفي، وكل الألوان الأخرى خائنة وعميلة للوحات أخرى، ويجب تطهير اللوحة منها.

agrni@