شاهر النهاري

كارثية كيم يونج أون

الثلاثاء - 19 سبتمبر 2017

Tue - 19 Sep 2017

العالم بأجمعه يدرك أن هنالك حكاية قد تطول وتتفاقم حتى تصبح كارثة العصور، ألا وهي حكاية حاكم كوريا الشمالية، ذلك الذي يظهر في الصور واللقطات بقصة شعره المضحكة، ووجهه المستدير، وضحكته الهستيرية المتخلفة، وهو يحتفل بإطلاق صاروخ، أو حزمة من الصواريخ المهلكة للطبيعة، والمهددة لحياة البشرية، وكأنه طفل يلعب لعبة الكترونية مدمرة.

هو الابن الثالث لوالده حاكم كوريا الشمالية، التي كانت تسبح بحمده وتقدسه، وأخوه الأكبر غير الشقيق لم يكن يروق لوالده سيره، بنعومته الأنثوية، واعتقاله في اليابان بجواز مزور، حيث كان يقصد زيارة عالم والت ديزني، مما جعل أسهم القيادة تتجه مباشرة للأخ الأصغر.

ولد كيم يونج أون عام 1983، ودرس متخفيا في سويسرا، بهوية مزورة، ومنذ عام 2009 قام والده بتهيئة أموره، فأصبح معلوما عند الدبلوماسية الأجنبية أنه سيكون وريثه في رئاسة حزب العمال الكوري ورئاسة الدولة، ولقبه بلقب «الرفيق الرائع»، وطلب من سفراء البلاد التعهد بالولاء له، وأمر الشعب أن يغنوا له «أغنية ثناء»، مشابهة لأغنية الثناء التي كان الشعب يغنيها له.

وفي حياة والده زار كيم يونج أون الصين سريا ليقدم نفسه للقيادة الصينية، وحينها قامت الصين بمحاولة برمجته، وتحذيره من إجراء أي اختبارات نووية كونها تعرف نواياه.

ومنذ توليه لشؤون البلاد بحكم مطلق، بدأ بتنفيذ الإعدامات لمن لا يعجبه من الشعب أو المسؤولين، ومن يشك في ولائه، أو حتى من يرى أن سير عمله لم يكن مقنعا.

فأعدم وزير دفاعه، وأعدم مهندس أحد المطارات إذ لم يعجب بتصميمه، وأعدم زوج عمته ومستشاره السياسي، ولم ينس الذهاب لتعزية عمته. كما أعدم وزير التعليم رميا بالرصاص بتهمة التحريض ضد الحزب والثورة.

ومؤخرا وبعد تكرار تجاربه الصاروخية، والتفجيرات النووية يؤكد الزعيم الكوري الشمالي أن بلاده اقتربت من استكمال قوتها النووية على الرغم من العقوبات الدولية المفروضة عليها، مشددا على أن الهدف النهائي من حيازة السلاح الذري هو «تحقيق توازن قوى حقيقية» مع الولايات المتحدة.

وقد أتى تصريحه الأرعن هذا بعد ساعات من الإدانة الشديدة، التي عبر عنها مجلس الأمن الدولي عقب إطلاق بيونج يانج للصاروخ الباليستي من فوق اليابان، والذي اعتبر بإجماع أعضاء المجلس أن هذه الخطوة «استفزازية للغاية». كما أتى تصريحه ردا على الرئيس الأمريكي ترمب، الذي أبدى أسفه أن يقوم زعيم كوريا الشمالية بازدراء جيرانه والمجتمع الدولي بأسره مجددا، مضيفا بأن أمريكا تمتلك ردودا عديدة، وأن من ضمنها الرد العسكري.

ومن خلال تلك التركيبة الغريبة لإنسان مطلق اليدين، مختل، منعزل، مغرور، يشعر بأنه مركز حركة الكون، وبأنه يعيش على سماع هتاف من يؤيدونه، ويسخط ويبطش بكل من يعارضه، وعندها لا يعود يستمع إلا لصوت أوهامه. والواقع يقول بأنها ليست أوهاما بالكامل، فوجود وتكامل التقنية النووية والصاروخية في دولته تدعوه للغرور والتمادي أكثر، وتحطيم المنطق، والعقل كليا.

هذا هو نموذج حكام جنون العظمة، التي لو حدثت لحاكم مثل القذافي، لكانت مضحكة مسلية، ولكنها مع رئيس كوريا الشمالية، تصبح مدعاة للخوف من تحطيم كل حضارات الكون، ونشر الغبار النووي بالجو، وموتا للبشر، أسوة بسلفهم الديناصورات.