محمد حطحوط

ماذا يتعلم الطالب الأمريكي أول شهر؟

الثلاثاء - 12 سبتمبر 2017

Tue - 12 Sep 2017

كانت البداية دعوة من وزارة التعليم الأمريكية لكاتب هذه الأحرف لإلقاء محاضرة للمعلمين والمعلمات، فيها نبذة عن المملكة، وثقلها الديني ومكانتها العالمية، وشيء بسيط عن ثقافة البلد، نظرا لوجود عدد لا بأس به من الطلاب السعوديين في المدارس الحكومية الأمريكية في المدينة الصغيرة التي أدرس بها.

ومن باب فهم الطرف الآخر كانت هذه المحاضرة لرفع الوعي للطاقم التعليمي في المدينة لفهم هذه الثقافة الجديدة وأبرز التحديات التي تواجههم وكيف تساعدهم المدرسة في تفوق الطالب السعودي في نهاية المطاف.

أخذتني مديرة المدرسة، والتي تحمل شهادة الدكتوراه، في جولة داخلية حيث بدأنا بالمقصف، أو المطعم الطلابي، حيث تلقيت أول صدمة: كان هناك تقريبا 200 طفل في المرحلة الابتدائية في قاعة واحدة. كل واحد من هؤلاء أمامه صحن فيه فطوره الصباحي.

ولك أن تتخيل عزيزي القارئ كمية الإزعاج في هذه الصالة لأن كل هؤلاء الأطفال يتحدثون في نفس اللحظة! عندها أطفأت لمبة صغيرة في منتصف المكان، وتعني أنه بقي خمس دقائق على انتهاء الفسحة. فجأة وبدون مقدمات سكت جميع من في المطعم في أقل من ثانية! اكتشفت لاحقا أنه نظام بالمدرسة حيث يمنع الكلام بعد إطفاء اللمبة لينتهي الطفل من الأكل سريعا، ويستعد للذهاب لفصله.

وعند السؤال: كيف تستطيع أن تسيطر على هذا العدد الكبير من الأطفال وبهذه السرعة، وكأنك في بيئة عسكرية؟! في الحقيقة هو تحد صعب، لكن المدارس الأمريكية خصوصا المرحلة الابتدائية تمضي الغالبية الساحقة من الشهر الأول في الدراسة في تعليم الطفل أمرا واحدا فقط: الانضباط واحترام النظام!

في هذا الشهر تتم إعادة برمجة الطفل، فيتعلم وضع شنطته في مكانها المناسب، ويتعلم الوقوف في الصف بانتظام، ويتعلم كل التفاصيل الدقيقة، وهذه قيم يتم غرسها لتبقى معه بقية عمره. الشاهد.. من يقوم بكل هذا الجهد؟ المعلم.

إنه لأمر مؤسف أن يتناول الناس النكات – بمجتمعاتنا - حول المعلمين والمعلمات، وكأن الإنسان يتحدث عن مهرج في مسرحية. كان المعلم وما زال هو المحطة الأولى للنهوض الحضاري لأي دولة في العالم. من تحت عباءة هذا المعلم انطلقت ثورة سنغافورة التي أبهرت الغرب، ومن تحت عباءة - ذات المعلم - أبحرت اليابان في سماء التميز.

المجتمع الذي لا يحترم أستاذه هو مجتمع بينه وبين التقدم والرقي كما بين المشرق والمغرب. هذا المعلم الذي نسخر منه، ونزدريه ونتفنن في تشويه صورته، هو من علمنا قراءة الفاتحة. هو من صبر على رعونتنا وبلادتنا، لأجل رسالة سامية يؤمن بها. لا مهنة بالعالم تعدل جمال مهنة المعلم، ولا حقارة ولا دناءة توازي من يسخر من مخلوق يصلي الله عليه هو وملائكته وأهل السماوات والأرض، حتى النملة في جحرها والحوت في بحره، كما أخبر النبي الكريم صلى الله عليه وسلم.

• تمضي المدارس الأمريكية الشهر الأول في تعليم الطفل أمرا واحدا فقط:

الانضباط واحترام النظام!

إعادة برمجة الطفل

قيم يتم غرسها لتبقى معه بقية عمره

• وضع شنطته في مكانها المناسب

• الوقوف في الصف بانتظام

• تناول الإفطار في موعد محدد

@mhathut