محمد بن سلمان: قناعة الشعب بالإصلاح ترفع طموحاتنا إلى عنان السماء

الجمعة - 21 أبريل 2017

Fri - 21 Apr 2017

أكد ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، الأمير محمد بن سلمان أن الشرط الأساسي والجوهري للإصلاح هو رغبة الشعب في التغيير، وأن الأمر الأكثر إثارة للقلق هو إذا ما كان الشعب السعودي غير مقتنع، وفي حال كان الشعب السعودي مقتنعا فعنان السماء هو الحد الأقصى للطموحات.



وأوضح ولي ولي العهد في حوار له مع صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، نشرته الثلاثاء الماضي أن الشباب السعودي لا يريد أن يضيع حياته في دوامة العقود الثلاثة الماضية بسبب الثورة الخمينية الإيرانية، قائلا «أنا شاب، و70% من مواطنينا هم من الشباب. نحن لا نريد أن نضيع حياتنا في هذه الدوامة التي كنا فيها طوال 30 سنة الماضية بسبب الثورة الخمينية، والتي سببت التطرف والإرهاب، نحن نريد أن ننهي هذه الحقبة الآن، نحن نريد - كما يريد الشعب السعودي - الاستمتاع بالأيام القادمة، والتركيز على تطوير مجتمعنا وتطوير أنفسنا كأفراد وأسر، وفي نفس الوقت الحفاظ على ديننا وتقاليدنا، نحن لن نستمر في العيش في حقبة ما بعد عام 1979»، واختتم حديثه في الحوار مع الصحيفة قائلا «لقد ولى زمان تلك الحقبة».

وجاء في الحوار:



بعد مرور عامين على حملته كمحفز للتغيير في المملكة النفطية المحافظة، يبدو بأن ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بدأ بالعمل بثقة، واضعا نفوذه للدفع بجدول أعماله للإصلاح الاقتصادي والاجتماعي.

‏لقد قام الأمير الشاب بتوضيح خططه في لقاء بمكتبه استمر لمدة تسعين دقيقة، مساء الثلاثاء، وقد قال مساعدوه إن هذه كانت هي المقابلة الأولى المطولة له منذ أشهر.



وتحدث الأمير بشكل تفصيلي حول مواضيع عدة مثل السياسة الخارجية وخطط خصخصة الشركة العملاقة في مجال النفط «أرامكو السعودية» واستراتيجية الاستثمار في الصناعة المحلية، وتنمية قطاع الترفيه على الرغم من معارضة البعض.



وقال الأمير محمد بن سلمان: «إن الشرط الأساسي والجوهري للإصلاح هو رغبة الشعب في التغيير»، وأضاف «الأمر الأكثر إثارة للقلق هو إذا ما كان الشعب السعودي غير مقتنع، وفي حال كان الشعب السعودي مقتنعا، فعنان السماء هو الحد الأقصى للطموحات».



‏ويبدو بأن هناك رغبة متزايدة بالتغيير في هذا البلد الشاب والدؤوب، فقد قال لي رئيس مركز لقياس الرأي العام هو عبدالله الحقيل بأن استطلاع الرأي الذي أجراه المركز أخيرا أظهر أن نسبة 85% من المواطنين، متى ما أُرغموا على الاختيار، سيفضلون الحكومة على غيرها من السلطات المختلفة، وأضاف أن هناك نحو 77% من الذين شملهم الاستطلاع يؤيدون خطة الإصلاح «رؤية 2030» التي تنفذها الحكومة، وأن هناك 82% ممن يفضلون العروض الترفيهية في التجمعات العامة. وعلى الرغم من أن هذه الأرقام غير مؤكدة بشكل مستقل، إلا أنها تشير إلى توجهات المشاعر الشعبية، التي يقول عنها السعوديون بأنها مدعومة بالأدلة.



‏وقال «MBS» وهو اللقب المعروف به ولي ولي العهد، إنه كان «متفائلا جدا» بالرئيس ترمب. ووصف ترمب بأنه «الرئيس الذي سيعيد الولايات المتحدة إلى مسارها الصحيح» بعد باراك أوباما، الذي لم يثق به المسؤولون السعوديون. واستطرد الأمير قائلا: «على الرغم من أن ترمب لم يتمم بعد 100 يوم في كرسي الرئاسة، إلا أنه استعاد جميع تحالفات الولايات المتحدة مع حلفائها التقليديين».



‏وقد كانت الزيارة التي قام بها وزير الدفاع جيمس ماتيس للمملكة هذا الأسبوع إشارة على ترحيب المملكة لإدارة ترمب. وفي حين أن إدارة أوباما قامت بانتقاد الحرب السعودية في اليمن، ناقش ماتيس إمكانية تقديم دعم أمريكي إضافي للسعودية إذا لم يوافق الحوثيون على تسوية من قبل الأمم المتحدة. (تعليق الكاتب: لقد سافرت إلى السعودية كجزء من الوفد الصحفي المرافق لماتيس).



‏وكان الأمير محمد بن سلمان يتكلم بشكل دبلوماسي عن روسيا والولايات المتحدة، وقد طرح تفسيرا مثيرا عن هدف السعودية بهذه الدبلوماسية. فقال الأمير: «الهدف الرئيسي من هذا هو ألا تضع روسيا جميع أوراقها خلف إيران في المنطقة». ومن أجل إقناع روسيا بأن المملكة تعد رهانا أفضل من طهران في المنطقة، أضاف الأمير: نحن نقوم أخيرا بتنسيق سياساتنا النفطية مع موسكو، وهذه قد تكون أهم صفقة لروسيا في العصر الحديث.



يجدر بالذكر أن فرضية التوتر السياسي أصبحت غير مطروحة لدى المحللين السياسيين عكس ما كان عليه الوضع في العام الماضي، بين الأمير محمد بن سلمان وولي العهد الأمير محمد بن نايف الذي يعد رسميا الشخص التالي في ترتيب ولاية العرش والمقل من الظهور الإعلامي.

من الواضح أن ولي ولي العهد قد رسم الاستراتيجية العسكرية والسياسة الخارجية والتخطيط الاقتصادي. كما كون الأمير محمد بن سلمان فريقا فنيا أصغر سنا وأكثر شبابا من المسؤولين السابقين في المملكة.



‏وقد بدت خطط الإصلاح على أنها تتقدم بثبات، وإن كانت بطيئة». وقال الأمير محمد بن سلمان: «إن العجز في الميزانية قد انخفض، وإن الإيرادات غير النفطية قد ارتفعت بنسبة 46% من عام 2014م إلى عام 2016م، ومن المتوقع أن تنمو بنسبة 12% إضافية هذا العام». واستطرد الأمير قائلا «إن البطالة والإسكان لا يزالان يمثلان مشكلة، وأن من المرجو حدوث تحسن في هذين الجانبين بحلول فترة 2019-2021».



‏أكبر تغير اقتصادي هي خطة لخصخصة 5% من شركة أرامكو السعودية والتي قال الأمير محمد بن سلمان بأنها خطوة سوف تتم في العام المقبل.



ومن المرجح أن يجني هذا الطرح الأولي المئات من مليارات الدولارات، وقد يكون أكبر عملية بيع في التاريخ المالي، ولقد أخبرني الأمير محمد بن سلمان بأن الحجم الدقيق لمثل هذا الطرح سوف يعتمد على طلب سوق المال وتوفر الخيارات الجيدة لاستثمار الإيرادات التي يتم جنيها، والفكرة الأساسية خلف بيع حصة من هذا الكنز النفطي للمملكة العربية السعودية هو جني الأموال لتنويع الاقتصاد بعيدا عن الاعتماد على الطاقة، وسوف يكون أحد الأولويات هو قطاع التعدين، الذي يمتلك ثروة معدنية محتملة تقدر قيمتها بـ 1.3 تريليون دولار أمريكي».



‏كما ذكر المسؤول السعودي أهدافا استثمارية أخرى وهي: إنشاء صناعة محلية لتصنيع السلاح وتقليل ما قدره 60-80 مليار دولار أمريكي مما تنفقه المملكة العربية على شراء الأسلحة من الخارج، وإنتاج مركبات القيادة في المملكة العربية السعودية لكي تحل محل ما تنفقه الحكومة سنويا على المركبات المستوردة والتي تقدر قيمتها تقريبا بـ 14 مليار دولار أمريكي، وإنشاء قطاعات محلية للترفيه السياحي؛ وذلك للحصول على جزء مما ينفقه السعوديون سنويا حينما يسافرون للخارج، حيث تقدر تلك الأموال بـ 22 مليار دولار أمريكي.



قطاع الترفيه ليس إلا واجهة أمامية للغز أكبر وهو كيفية فتح الاقتصاد السعودي، وقد بدأت التغيرات تجري فعلا، إذ أحيت فرقة أوركسترا يابانية حفلا أقيم هنا في الشهر الحالي، وذلك أمام جمهور من العوائل، علاوة على ذلك، فهناك فعالية لـ «كوميك كون أقيمت في جدة أخيرا، حيث ارتدى فيها الحضور أزياء شخصيات مسلسلات تلفزيونية مثل مسلسل «سوبر ناتشورال» وغيرها من مسلسلاتهم المفضلة، كما تحتوي النوادي الكوميدية على ممثلي الاسكتشات الكوميديين، ولكن ليس من بينهم أي نساء.



‏هذه الخيارات ليست إلا ثورة بسيطة بالنسبة إلى المملكة العربية السعودية، التي كانت مواقع الترفيه تقتصر فيها إلى حد قريب على المطاعم والأسواق فقط، بات العالم المعاصر بكل خشونته يقترب، سواء كان ذلك سوف يؤدي إلى نتائج أفضل أو أسوأ.



‏ أيضا؛ استضاف استاد الملك فهد الدولي في الرياض في الشهر الماضي حدثا خاصا بـــ «مونستر جام» محتويا على الشاحنات ذات المحركات القوية والكبيرة. كما أن هناك خططا لإنشاء مدينة «Six Flags» في جنوب الرياض.



‏قالت السيدة مي العذل في لقاء لها - وهي أحد العشرات من الشبان الذين يعدون الخطط في الهيئة العامة للترفيه - بأنها تريد أن تجلب «متحف المثلجات» إلى المملكة العربية السعودية، شبيها بالمتحف الذي زارته في مدينة نيويورك.



‏من جهة أخرى، قال مصرفي الاستثمار السابق أحمد الخطيب والذي يترأس الآن هيئة الترفيه «نحن نريد تحسين ثقافة الترفيه». وهو يهدف لإنشاء 6 خيارات ترفيهية عامة في كل نهاية عطلة أسبوع من أجل السعوديين. ولكن الهدف الأكبر بحسب حديثه هو «نشر السعادة». يبدو أنه يرد على من يقول أن بلاده في بعض الأحيان «مصابة بالكآبة».



‏القوة المحركة خلف محاولة إعادة تصوير شكل المملكة هو ولي ولي العهد البالغ من العمر 31 عاما، إذ بسلوكه المفعم بالطاقة والحيوية، فهو يناقض تماما التحفظ الصحراوي التقليدي الذي يتسم به معظم المسؤولين السعوديين، وعلى خلاف الكثير من الأمراء السعوديين فهو لم يتلق تعليمه في العالم الغربي، مما مكنه من الحفاظ على طاقته القتالية التي تعد سببا لجاذبيته لدى الشريحة السعودية الشابة.



‏المهمة التي أمام محمد بن سلمان هي الحفاظ على علاقة التحالف مع الولايات المتحدة من دون أن يقبل أن يكون دمية في يد الولايات المتحدة، حيث قال الأمير محمد بن سلمان «لقد تأثرنا كثيرا من الولايات المتحدة، وذلك ليس بسبب ممارسة أحدهم الضغط علينا، فلو قام أحدهم بممارسة الضغط علينا لسلكنا الاتجاه المعاكس تماما، ولكن لو وضعت فيلما في دار السينما وشاهدته فقد أقتنع بما شاهدت»، كما قال أيضا «من دون التنوع الثقافي سينتهي بنا المطاف مثل كوريا الشمالية، ومع استمرار الولايات المتحدة في أن تكون حليفة للمملكة العربية السعودية فمن دون شك سوف نندمج بشكل أكبر مع المتغيرات العالمية».



‏إن الأمير محمد بن سلمان محافظ حينما يتحدث عن القضايا الدينية. إذ يتعامل مع السلطات الدينية كحلفاء موثوقين له ضد التطرف ولا يعاملهم كخصوم، ويكرر الأمير محمد بن سلمان حجة مفادها أن النهج الديني المتطرف في المملكة العربية السعودية هو ظاهرة حديثة نسبيا؛ نتيجة للثورة الإيرانية التي وقعت في عام 1979 واحتلال المسجد الحرام في مكة من قبل متطرفين سنة في ذات العام كردة فعل للتطرف الشيعي.



‏قال الأمير محمد بن سلمان «أنا شاب، و70% من مواطنينا هم من الشباب. نحن لا نريد أن نضيع حياتنا في هذه الدوامة التي كنا فيها طوال 30 سنة الماضية بسبب الثورة الخمينية، والتي سببت التطرف والإرهاب، نحن نريد أن ننهي هذه الحقبة الآن، نحن نريد - كما يريد الشعب السعودي - الاستمتاع بالأيام القادمة، والتركيز على تطوير مجتمعنا وتطوير أنفسنا كأفراد وأسر، وفي نفس الوقت الحفاظ على ديننا وتقاليدنا، نحن لن نستمر في العيش في حقبة ما بعد عام 1979»، واختتم حديثه قائلا «لقد ولى زمان تلك الحقبة».