فارس هاني التركي

الميناء الأعظم

أرقام فارس
أرقام فارس

السبت - 18 مارس 2017

Sat - 18 Mar 2017

ميناء جدة الإسلامي كما أمر جلالة الملك فيصل بن عبدالعزيز بتسميته بدلا من ميناء الملك فيصل بعد إحدى التوسعات، هو أحد أقدم الموانئ في العالم، فمن المرجح وجوده قبل الإسلام، والمؤكد أنه اكتسب أهميته العظيمة بعد أن اختاره الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه في عام 26 للهجرة ميناء رسميا للحجاج القادمين عن طريق البحر، وذلك بعد أن اشتكى له أهل مكة كثيرا من ميناء الشعيبة. فلهذا القرار الفضل في بروز مدينة جدة ونموها واستمرارها كمدينة رئيسة مهمة، فالميناء هو أصل المدينة وقلبها النابض، وبدونه ما كان لهذه المدينة أن تولد أو أن تستمر.



كبر الميناء كثيرا حتى أصبح اليوم ثاني أكبر ميناء في العالم العربي والشرق الأوسط وأفريقيا، بحوالي 5,4 ملايين حاوية تتم معالجتها سنويا، وبذلك يكون رسميا أكبر من موانئ عريقة مثل فلنسيا في إسبانيا وموبي في الهند ومانيلا في الفلبين وطوكيو في اليابان وفانكوفر في كندا وبورسعيد في مصر وملبورن في أستراليا. مؤخرا كذلك وبعد توسعة شركة بوابة البحر الأحمر وزيادة عدد الأرصفة وتعميق غاطس القناة الملاحية أصبح الميناء في المركز 15 عالميا من حيث مناولة السفن العملاقة. أما من ناحية الركاب فالأرقام غير مشجعة لجميع الموانئ في العالم بسبب الطيران الاقتصادي الذي دمر تقريبا صناعة السفر بالبواخر ولم يتبق منها إلا السفر السياحي للمتعة والاستجمام من خلال السفن العملاقة المجهزة بكل أنواع الترفيه.



داخليا يلعب الميناء دورا جوهريا في نهضة المملكة، ودورا أساسيا في حياة كل مواطن أو مقيم على أرض المملكة، فأكثر من 50% من جميع المنتجات والبضائع الموجودة في المملكة دخلت عن طريق ميناء جدة الإسلامي. فسنويا يدخل عن طريق الميناء قرابة 700,000 سيارة جديدة، و8 ملايين طن من المواد الغذائية، وحوالي 10 ملايين رأس من الماشية وغيرها من الملابس والأقمشة والأجهزة الكهربائية والمعادن ومواد البناء، وحتى مقطورات عربات قطار الحرمين السريع دخلت المملكة عن طريق ميناء جدة الإسلامي، لذلك من غير المستغرب إذا ما علمنا أن هناك 13,000 شاحنة تدخل وتخرج من الميناء يوميا لتحميل البضائع التي لا تحتمل التأخير ويجب تخليصها بأسرع وقت، فالتاجر ينتظر والمستهلك ينتظر، ولضمان انسيابية العمل نجد أن هناك أكثر من 50,000 شخص يعملون في مجتمع الميناء، يتبعون لأكثر من 13 جهازا حكوميا وغيرها من القطاعات الخاصة، حيث إن جميع أعمال التشغيل والصيانة وإدارة المحطات أسندت لأكثر من شركة في القطاع الخاص، أهمها شركة موانئ دبي وشركة مقاولات الخليج للشحن، وآخرها شركة بوابة البحر الأحمر التي استثمرت أكثر من ملياري ريال لبناء وتطوير 4 أرصفة جديدة بنظام BOT الذي يتيح للشركة بناء المشروع ثم تشغيله لعدد معين من السنوات ثم تحويله للدولة.



ميناء ضخم ومحوري يشهد تطورا كبيرا، ولكن على الرغم من كل هذه الأرقام الضخمة لا تزال هناك مساحة كبيرة جدا للتطوير والتحسين، فالمنافسة شرسة وميناء «جبل علي» يقدم من الخدمات والتسهيلات ما يفوق أي ميناء بحري في العالم، لذلك يجب ألا نركن للماضي، وأن نعمل على تحسين الإجراءات المعقدة والمنفرة، وأن نرفع من قيمتنا التنافسية، فبدون ميناء قوي يستحيل أن يكون لدينا اقتصاد قوي.



[email protected]