عبدالله المزهر

جبن الشجاعة اللذيذ!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

السبت - 18 مارس 2017

Sat - 18 Mar 2017

الشجاعة هي القدرة على إخفاء مشاعر الخوف ومنعها من الظهور للعلن، وليست عدم وجود الخوف من الأساس. والشجاع في اللغة هو «الشديد القلب عند البأس»، وتختلف الشجاعة عن التهور، وإن كان الجبناء ـ أمثالي ـ يميلون إلى استخدام كلمة «التهور» كبديل منطقي عند الحديث عن الشجاعة.



والسؤال الذي يبدو مهما ـ وإن كان ليس كذلك ـ هو: لماذا أتحدث عن الشجاعة في هذا التوقيت بالذات، وفي هذا المنعطف التاريخي الذي تمر به الأمة؟!

وبالطبع فإن لدي من الشجاعة ما يكفي للإجابة على هذا السؤال «الفخ» الذي لم يسأله أحد.



أحد الأسباب هو أني أريد أن أتحدث عن أمر لا أجيده، وعلاقتي به مثل علاقة بوذا بيوم عرفة. أردت أن آتي بالعجائب كما يفعل كل الذين يتكلمون في غير فنهم. كما يفعل جميع الناس هذه الأيام.



اعتبروا حديثي عن الشجاعة كأحاديث الخبراء الاقتصاديين عن الاقتصاد، وأحاديث الخبراء العسكريين عن المعارك، ونصائح المحللين السياسيين وغيرهم ممن تشاهدونهم وتصدقونهم في شاشات الفضائيات وحسابات مواقع التفاصل.



أما السبب الآخر فهو أن كل المفاهيم تتغير وتتبدل ودلالات الألفاظ تتغير، وما تعنيه الكلمة اليوم ليس هو بالضرورة ما كانت تعنيه بالأمس البعيد، أو حتى الأمس القريب، والشجاعة ليست استثناء بالطبع.



الشجاعة ليست أقوى من الحب، ـ أعني الكلمتين المجردتين ـ ولو أن كلمة واحدة فقط تستطيع المحافظة على معناها لكانت كلمة «الحب» هي الأجدر بذلك، لكنها لم تقدر. فحين كانت تقال هذه الكلمة فإنها تشير غالبا إلى دلالات واضحة، والخيال يسير في اتجاه واحد «حبيبة، قمر، عطر .. إلى آخر هذا الطريق المظلم المهجور»، أما الآن فإنه لا يخطر في بالي ولا يمر في خيالي إلا «الحكومة» حين أسمع كلمة الحب.



ولذلك فإن الشجاعة اليوم لم يعد معناها كما كان، الشجاعة اليوم قد تكمن في قدرتك على الاعتراف بأنك جبان.



وعلى أي حال..



يقول أحمد شوقي ـ ما غيره ـ:



إن الشجاع هو الجبان عن الأذى

وأرى الجريء على الشرور جبانا



[email protected]