أسئلة الكتابة الخمسة: أحمد الصحيّح

السبت - 18 مارس 2017

Sat - 18 Mar 2017

بعض الهزائم في الحياة قد تكون انتصارات للأدب، وإن محاولتك في الهروب من السوء الذي انهال عليك طريقك لأن تكون مكتملا في حرف. هكذا يمكن وصف تجربة الشاعر أحمد الصحيح، الذي كان ينظر لكتاباته باتهام، بينما الصدى كان يصفق له. هنا يحكي ويغني:



ماذا تكتب؟

أكتب انهزامي غالبا. أراه في الطرقات وفي الحروب وفي الأصدقاء وفي العمل وأعين النساء فآخذه وألبسه ملابس نظيفة ثم أرسله أنيقا إلى قيامته في الورق. شيء ما ينهزم بي كلما نظرت إلى شيء فأكتبه. شيء ما ينهزم كلما حدث لي شيء، أو كلما لم يحدث لي شيء فأكتبه. لا أكتب جمال الشيء أو قبحه، أكتب الألم الذي يصيبني في القبح، والألم الذي يصيبني في الجمال.



‏لماذا تكتب؟

قلت في مناسبة سابقة إنني أكتب لأن بي شهوة للقتل. الكتابة مجرد خيار آخر يبدو أكثر حكمة من القتل ربما.. ربما. ولكنهما متساويان في مقدار الرغبة والتوحش ما دامت إحداهما -حتى الآن- قادرة على كبح اندفاع الأخرى.



‏لمن تكتب؟

اتفقت مع أحد الأصدقاء منذ سنوات على أن الكتابة إفراط في الأنانية. دائما ما كان ألمي الخاص هو ما أكتب لأجله، وإن كان سببه ألم الجميع. فأنا لا أكتب للمتعبين والفقراء والمناضلين والأمهات والأطفال والطيبين، بل أكتب -بأنانية مفرطة- كي أرتاح من الألم الذي يصيبني بسببهم، أكتب كي أخفف من جحيم الآخرين في رأسي أنا، سواء الذين أحبهم أو الذين لا أعرفهم، أكتب كي أوقف زحف الأرضِ إلى مناطقي.. أكتب لنفسي.



متى تكتب؟

أعتقد أن الكتابة بعد آخر كالوقت، لا يتقاطعان أبدا. وهذا ليس مجرد كلام رومانسي بقدر ما هو حقيقي في مجازه العميق، فالشاعر لم يؤرخ لبداية كتابة قصيدته، لكنها خلقت مثل الوقت في وجوده وفي عالمه ثم رآها هناك فجأة حين أصابه الوعي بالأشياء. لذا فإن الإجابة على (متى) غير ممكنة. الشعور الدائم بالقصيدة هو وقت كتابتها بعيدا عن التوقيت الفعلي للكتابة والذي -في حالتي- يحدث صدفة، فأنا قد أكون انتهيت قبل قليل من النص الذي سأكتبه غدا، وقد أكتب النص القادم أمس.



‏كيف تكتب؟

الحقيقة رغم أني أحسب الشعر هو المحرك الأهم في حياة الشاعر إلا أني لم أتخذ من الكتابة ذاتها مشروعا حقيقيا أهيئ له الطقوس والحالات المناسبة. شاهدت أفلاما ولعبت كرة القدم واستمعت إلى الموسيقى أكثر بكثير مما كتبت، لذا لطالما كان الطقس الوحيد الذي توفر في كتاباتي القليلة هو الانفجار المفاجئ في الشعور.