سهام الطويري

غياب فعالية الإرشاد النفسي في المؤسسات التعليمية

الاحد - 15 يناير 2017

Sun - 15 Jan 2017

يهتم الإرشاد النفسي في المؤسسات التعليمية بمعالجة الصعوبات والمشكلات النفسية للطالب من خلال التعمق في فهم الأبعاد الشخصية والاجتماعية والأسرية والأكاديمية والثقافية. ويقوم على عملية الإرشاد النفسي في المؤسسة التعليمية أخصائي نفسي مؤهل بخبرة وكفاءة في علم نفس السلوك الإنساني تمكنانه من التعامل مع الصعوبات التي يواجهها الطالب حتى يسانده في التغلب عليها، وإكمال حياته التعليمية والحياتية بنجاح.



قبل أعوام عدة لاحظ أحد مشرفي طلبة الدراسات العليا في إحدى الجامعات المرموقة في بريطانيا تغيب طالب دكتوراه من إحدى دول آسيا لأكثر من شهرين بشكل مفاجئ، وبعد البحث والتقصي عنه في عنوان مسكنه فوجئ المشرف بأن الطالب في وضع نفسي متدن جدا، ومنعزل عن العالم الأكاديمي تماما، وصار مدمنا للمخدرات عازفا للجيتار في غرفته الصغيرة.



وجد المشرف أن التدهور النفسي الذي أصاب الطالب كان سببه الإحباط الشديد واليأس من النجاح في برنامج الدكتوراه المعقد في هذه الجامعة بالتحديد، فتم التواصل مع خبراء الإرشاد الطلابي النفسي الذي تمتاز به الجامعة، حيث قدمت الجامعة جيشا من الخبراء والأخصائيين النفسيين والأطباء قدموا من الجهد والدعم النفسي والاجتماعي للطالب ما ساعده على النهوض مجددا وبمساعدة المشرف حتى عاد الطالب مجددا للبيئة الأكاديمية واستحق درجة الدكتوراه وعاد ليرأس مجموعة بحثية بعد تخرجه وعودته لبلاده، ولذلك فحينما نتحدث عن نجاح جامعة مرموقة فإننا نتحدث أيضا عن وجود دورها الفاعل في مثل هذه الظروف الشخصية.



الانهيار النفسي والفشل الذي يواجه الطالب في مرحلته التعليمية ليسا إلا نتيجة لتراكم مسببات وعوائق نفسية واجتماعية بسيطة، أدى تعاقبها المتتالي دون إيجاد مزيل لها أولا بأول إلى تفاقمها على كاهل الطالب ثم فشله. في الدول المتقدمة يحرص الإرشاد النفسي على تفادي وصول الطالب إلى هذه المرحلة لأن فشل الطالب ليس إلا بداية لتكون كرة ثلج ضارة له ولمجتمعه المحيط به.



حينما أقرأ في الصحف المحلية عن وقوع جرائم حمل سلاح في مدرسة أو تشاجر طالبات مسترجلات في كلية نسائية لا تتوانى في إغلاق ملف القضية إلا بقرار فصل دون معالجة أسباب الاسترجال أو الهياط مثلا، فإنني أمتعض جدا من وجود موظفي الإرشاد النفسي المظهري في تلك المنشآت التعليمية، فالإرشاد النفسي في الصروح التعليمية السعودية لا يتجاوز في ذهنية الطالب دور «عريف الفصل» الذي لا تهمه مصلحة الطالب بقدر ما تهمه مصلحة حماية المنشأة التعليمية بأسلوب سطحي، فالمرشد النفسي لا يمتلك صلاحية متابعة الطالب على الإطار النفسي والعائلي والاجتماعي والأكاديمي وقد لا يمتلك سمعة جيدة على الأرجح بين صفوف الطلاب لفشله العملي في الأخذ بأيدي المتعثرين في النواحي التعليمية والنفسية والاجتماعية، كما أن ارتباط عمله بساعات العمل نفسها التي تنتهي بنهاية الدوام وعدم تحمله مسؤولية وطبيعة دوره في متابعة ومعالجة مشكلة الطالب ليست إلا أحد العوامل المهمة في عدم فعالية دوره.



الإرشاد النفسي يجب أن يكون ذا حضور فاعل وأن يعطى صلاحيات ودعما من قبل وزارتي التعليم والشؤون الاجتماعية وأن ينفض عنه الدور البيروقراطي المزعج. يحتاج الإرشاد النفسي في المؤسسة التعليمية السعودية إلى هدم كلي وإعادة بناء من جديد بأسلوب عصري لأنه اللبنة الأولى التي تقي المجتمع من تبعات انهيار وفشل أحد أبناء الوطن في مرحلة يمكن معالجتها مبكرا.



[email protected]