مانع اليامي

القفز بالمرأة في كل صوب

السبت - 14 يناير 2017

Sat - 14 Jan 2017

توصية بعض أعضاء مجلس الشورى المتعلقة بتوظيف المرأة في الحرس الوطني، وما صاحبها من اعتراضات ودفوعات سخنت الحوار العام وفتشت جيوبه المليئة بانشغال المجتمع المفرط بشؤون المرأة، من تعليمها إلى عملها مرورا بمحطات تغط بالتفاصيل المقلقة للبعض، حيث يرى “المحافظون” إذا جازت التسمية أن معظم النقاشات حولها تستعمل المطالبة بحضورها في مجالات العمل كوسيلة ضاغطة لتمكينها من عبور الجغرافيا المهنية المفتوحة وإقحامها في مجالات لا تناسبها، فضلا عن إمكانية تعرضها للمضايقات، وربما ما هو أبعد، وفي هذا الرأي بحسب الظاهر تتزاحم الإشارات حول مربع الثوابت والمحددات الاجتماعية، وهو المربع الصلب الذي يحتمي به المحافظون كلما دار الحديث عن المرأة والمهم أن لهذا الرأي أنصارا متشددين لا يرون في المسألة غير مؤامرة لتغريب المجتمع، وأنصارا منغلقين لا يرون في المرأة غير ربة بيت خطواتها محدودة في المشهد العام.



في المقابل هناك من يرى أن الوقت اختلف، ومعه توسعت الحاجة إلى دخول المرأة على الخط للقيام بعديد من المهام التي لم يعد من المناسب أو المقبول، في ظل تصاعد التخويف المطلق من الاختلاط، حصرها على الرجال تقديرا لخصوصية المرأة، فثمة قضايا أو أحداث والأكيد تعاملات تكون المرأة طرفا فيها، ومن المناسب بالتالي أن تتولى المرأة هذا الشأن وتتعامل معه، هذا خلاف تقليص حيز البطالة النسوية، وفي هذا من حيث المبدأ صون لكرامة الأنثى وتقدير لخصوصيتها وفرصة لها في التكسب المشروع، هذا الرأي يظهر كثيرا في نقاشات المثقفين ويعكس توجهاتهم.



بين الكتلتين يتحرك فريق خليط نشط في مواقع التواصل غير أنه يصعب فهمه جيدا وضمان توجهه، فتارة ينحاز لقضايا المرأة بصبغة العناد للفريق الأول، وتارة يستعمل تتبيل رأيه بخلطة من آراء الفريقين وسمات المجتمعات الأخرى ونمط حياتها، هذا الفريق أقرب إلى قاعدة “معهم معهم.. عليهم عليهم” من أي شيء آخر ورأيي أنه كثيرا ما يبث الاستفزاز ويحرك الجدال.



الخلاصة، أن الانشغال المفرط بالمرأة وشؤونها والقفز بها في كل صوب وسع المجال للمغرضين في الوقت الذي ختل منجزات الدولة، وقلل من حقيقة الاهتمام الرسمي بالمرأة وما رافق ذلك الاهتمام من مشروعات تصب في مصلحة خصوصيتها وأنظمة تتجدد لصون وجودها والنهوض بها في إطار الثوابت. غالب الحوارات العامة تنشغل بعباءتها وكعبها والنقاب وتتجاهل أنها قدمت نفسها للغرب والشرق عبر منارات العلم وميادين العمل، ونالت التقدير لتميزها والاحترام لمحافظتها، هذه هي الصورة التي يحب أن تتشكل في عيون الداخل أولا وكفى. وبكم يتجدد اللقاء.



[email protected]