ما قبل الحدث.. بين جبران والصيعري

الجمعة - 13 يناير 2017

Fri - 13 Jan 2017

ليس بينهما أي تشابه، فهما من عالمين مختلفين، جبران السعودي البطل المقدام صاحب القلب المحب الشجاع، جبران صاحب الفكر المعتدل والعقل المتزن، وذلك الإرهابي الخارج عن المألوف في عالم البشرية وخارج عن الدين في عالم التسامح والمحبة والرسالة المحمدية الوسطية، لا تشابه بين من يحمي الناس ويفديهم بروحه ومن نذر نفسه لقتل الناس وسفك دمائهم، لا مقارنة بين من جعل همه حماية وطنه وإعلاء رايته ومن همه الدمار والخراب، كيف نوازن بين من ولاؤه لأهله ومن ولاؤه لأهل ملة ضالة وعقيدة فاسدة.



ما حدث في حي الياسمين في الرياض من مداهمة أمنية لأخطر الإرهابيين المطلوبين أمر نكاد نكون ألفناه واعتدنا عليه، ليس فقط في وطننا الحبيب، بل في دول عدة سواء مجاورة لنا كما حدث في الأردن الشقيق قبل مدة بسيطة وبالتحديد في مدينة الكرك التاريخية وقلعتها، أو قبل أيام في تركيا الشقيقة. الفعل الإجرامي واحد والنتيجة واحدة أيضا، فكلهم إلى زوال بإذن الله تعالى، لكن ما حدث في الياسمين من موقف بطولي شاء المولى عز وجل أن يسجل ويثبت ويؤرخ بالصوت والصورة لرجل من وطني، شجاع لم ترعبه الأحزمة الناسفة ولا شدة بأس الظلمة وأسلحتهم الآلية الرشاشة، جبران اتخذ القرار بأنهما لن يهربا بمركبة الأمن، وأنهما إن تعداه فإن كل مواطن وكل إنسان سيكون في خطر، تصرف على أنه خط الدفاع الأخير، لهذا وقف شامخا وأرداهما معا ليكونا عبرة لمن لا يعتبر، فهؤلاء هم رجال محمد بن نايف، فشكرا لرجل أمننا الأول، وشكرا لمدير الأمن العام والمباحث وقوات الطوارئ، وشكرا لمدير شرطة الرياض ومدير دورياتها، وشكرا لكل مواطن مخلص لبلده.



ما أردت أن أرميه في مقالتي هذه على مسامعكم من خلال تناولي لما قبل الحدث، هو أن جبران خريج المدارس الحكومية السعودية بمناهجها التقليدية، والإرهابي الصيعري خريج نيوزيلندا، مبتعث استفاد من خير البلاد ومنحها، ليمكر لها، لكن الله خير الماكرين، فمات فطيسا لا في الدنيا من يترحم عليه، وفي الآخرة يأتي ومن حوله الضحايا الذين قتلهم أو ساهم في قتلهم يشهدون عليه أمام رب العزة، بأي ذنب قتلهم وكفرهم واستباح دماءهم.



جبران ابن الوطن بكل بساطة، معنا يأكل ويشرب ويمشي ويعاني ويحمل هم الأولاد والبيت والأزمات، جبران التزم بعمله مستقبلا له، فكان القدر أن يكون شاهدا على قدر أهل العزم في بلد يقوده ملك الحزم سلمان بن عبدالعزيز.



بقي في الجعبة قليل أرويه لكم، هو أن الإرهابي الصيعري عرف عنه أنه مجهز الأحزمة الناسفة والتي مما أعدها حصدت من الأرواح البريئة الكثير، لكنه كما يقال كان مبدعا فيها متميزا في عمله الخبيث، لأن العمل لا تحدد اتجاهه إلا النوايا وبواطنها، وهنا أسأل نفسي بتفكير عالي الصوت: كم من شاب من وطني مبتعث أو غير مبتعث يمتلك من المواهب الإبداعية الكثير؟ وهل هؤلاء يكونون هدفا لأعدائنا أعداء الوطن؟ وهل إعادة تقييم المستفيدين من المنح والبعثات سواء كانوا ذكورا أو إناثا أمر يحتاج إلى إعادة تفكير، ووضع أسس وضوابط معينة لضمان أن أبناءنا لا ينحرفون ولا يقعون تحت براثن الأعداء؟



حقيقة أسئلة كثيرة راودتني وأجزم أنها راودتكم أيضا، لكن يبقى الأمر منوطا بأن العمل لا يمكن أن يكتمل إن لم نبدأ به أساسا. علينا إعادة التنظيم والتهيئة والتأكد قدر المستطاع أن أبناءنا محصنون لا يقعون فرائس سهلة لأي فكر ضال أو فئة منحرفة. حفظ الله الوطن، وأدام عزه تحت راية التوحيد.