إبراهيم خليل البراهيم

زيف الحضارات!

الاثنين - 09 يناير 2017

Mon - 09 Jan 2017

يستدل على تقدم الشعوب ورقيها وريادتها بمفردة الحضارة، تلك المفردة التي يصعب تعريفها لاختلاف استدلالها بين زمن وآخر. أصل كلمة «الحضارة» في لسان العرب المدينة أو ما هو فوق البادية أو فوق القرية، ففي لسان العرب «الحضارة هي الإقامة في الحضر والحاضرة خلاف البادية»، وذلك يتفق مع مفهومها باللغة الإنجليزية «Civilization» المشتقة من المفردة الفرنسية Civilisé التي كانت تستخدم للدلالة على صفات أهل المدن، إلا أن الحضارة اليوم أخذت مفهوما أوسع وأشمل من ذلك المفهوم المادي حيث عرفت بجملة ما يقوم به أو ينتجه شعب من الشعوب من أنشطة في جميع مجالات الحياة السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية والدينية والثقافية والفنية.



إحدى أبرز الحضارات الرائدة على مر التاريخ، الحضارة الإسلامية التي لم تكتف فقط بتنمية الجانب الديني كما يعتقد البعض، وذلك هو سبب المطالبات بفصل الإسلام عن الجوانب الحياتية، بل غطت جميع الجوانب المهمة في حياة الإنسان التي يصعب أن تجدها في أي حضارة أخرى فنمت الجانب الاقتصادي والسياسي والعلمي والاجتماعي، والنظام التشريعي والقضائي، والعسكري والمعماري بشكل متوازن ومتناغم جاعلة الدين هو المحرك والمعيار الأساس لكل هذه الجوانب الحضارية.



بتلك المعايير يتضح أن الحضارة مفردة شاملة تكاملية لا يقبل أن تكون متحضرا في جانب وأقل تحضرا في جانب آخر.



كثير من دول العالم المحتضرة والمتقدمة في عديد من الجوانب الحياتية والتي تدعي تبني مبادئ حقوق الإنسان ونشر السلام تجدها تناقض نفسها وتتخلى عن مبادئها لأهداف سياسية بحتة، متناسية جميع شعاراتها الحقوقية والإنسانية التي كانت تروج لها وتتغنى بها طوال السنوات الماضية. حضارة زائفة ومشوهة تلك التي تدعي التحضر الإنساني ورعاية حقوق الحيوان فضلا عن الإنسان ويتسمر شعبها لساعات ويذرف الدموع أمام شاشات التلفاز لرؤية قط في مأزق- دون استحقار لرعاية الحيوان وأهميته - إلا أنه شعب يعاني من ازدواجية وخلط في المفاهيم إذا لم يحرك فيه عدد القتلى والجرحى الأبرياء في مختلف بقاع العالم أي شعور والقضية السورية أقرب مثال حي اليوم والأمثلة كثيرة ومتعددة في تاريخنا المعاصر.



حضارة زائفة وجمعيات حقوقية مشوهة التي يوجهها الساسة فتتغاضى عن القضايا المهمة وتركز على قشور الأمور وتضخمها وتتناسى لب المشكلات وحقائق الأزمات التي تنتهك ضروريات الإنسان الخمس (الدين، النفس، العقل، العرض، المال).



ومضة: تعاني خللا في إنسانيتك وعنصرية وانتقائية عندما تذرف الدموع لجرح الحيوان ولا يحرك قتل الإنسان البريء فيك أي شعره فضلا عن الشعور!