رؤية المملكة في مستقبل دور مؤسسات العمل غير الربحي (2)

الاحد - 01 يناير 2017

Sun - 01 Jan 2017

استكمالا لما ذكرناه في الأمس، تعد نجاحات القطاع الثالث غير الحكومي وغير الأهلي هي نابعة وبدون شك من احتياجات المواطنين والعاملين في القطاعات المختلفة، الحرفية والصناعية والزراعية، فالهند على سبيل المثال بها منظمات غير حكومية وغير ربحية، وكل واحدة تخدم 400 مواطن، وهو مقياس عال بين الشعوب، لأنها تمثل ضعف عدد المؤسسات التعليمية والمدارس، لذلك فالتحديات التي نواجهها هي آلية الاسترشاد بأولويات الاحتياجات، عوضا عن أولويات الرغبات لتنمية القطاع الثالث بالشكل المؤثر.



من المعروف أن القطاع الثالث قطاع متفوق وشامل في جميع المجالات، الإنسانية والثقافية والبيئية للمؤسسات غير الحكومية وغير الربحية في أمريكا (مثال الجامعات والمدارس والمستشفيات والإعلام)، والتي تعمل الدولة على دعمها والاستفادة منها بشكل حيوي. أما ما تملكه الدول فتعمل على خصخصته أو التخلي عنه تماما للقطاع الثالث والتحول إلى المؤسسات غير الحكومية أو غير الربحية.



وبالنظر إلى تعريف الأمم المتحدة للمجتمع المدني: هو القطاع الثالث من قطاعات المجتمع، جنبا إلى جنب مع الحكومة وقطاع الأعمال، ويتكون من منظمات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية، فهل هذا ينطبق علينا في المملكة العربية السعودية، خاصة أننا بدأنا في إطلاق التعريفات المتداولة بيننا (التنموية - القطاع غير الربحي والتنموي)؟ وهل تكون لدينا مجتمع مدني كما كان في بداية الخمسينات، والتي تأسس بعضها في الستينات الميلادية، لنتمكن من مواكبة الدول المتقدمة، والعمل بجدية لخدمة المجتمع، ومساندة الحكومة ودعم القطاع الربحي بهدف الرقي برفاهية الوطن والمواطن؟



وإلى متى والقطاع العام في المملكة يتحمل مسؤولياته؟ والشواهد كثيرة عبر التاريخ في محاولات تطوير القطاع الثاني والثالث، كما كانت في لبناتها الأولى، وذلك جعلنا نواجه بأبرز التحديات، وهي ضعف أداء المسؤولية الاجتماعية من قبل القطاع الثاني في المملكة، حيث إن كثيرا من مؤسساته تشترط أن تكون مساهماتها ممثلة في تمويل إقامة مؤتمر أو لقاء مقابل علاقات عامة وتسويق له كداعم، وهو الأمر الذي جعل مساهمته ليست بالشكل المأمول بما يحقق سياسات القطاع الأول وطموحات القطاع الثالث.



والقطاع الثالث في المملكة يحتاج لأنظمة تدفع به نحو التقدم، خاصة أن شريعتنا الإسلامية ضمنت حقوق الأفراد والمجتمعات، بحيث لا تطغى كفة على الأخرى. فالأوقاف على سبيل المثال يجب أن تكون ضمن مسؤوليات القطاع الثالث وإحلاله من القطاع العام والخاص تدريجيا، لأن ذلك سيتيح للمجتمع تقديم دعمه بالشكل المثالي، بحيث ينبع من احتياجاته الاقتصادية والثقافية والاجتماعية، وليس العكس. والشريعة الإسلامية تحمل رسالة تنموية وخيرية، ويجب الاستشهاد بها لتطوير القطاع الوقفي ليس المادي فقط، بل وغير المادي كالفكري والثقافي والاقتصادي.



وحان الوقت للقطاع الأول أن يميز ويستشهد بالفرق بين العمل الخير (ذي الأهداف السامية) لخدمة الأهداف الخاصة والعامة والخيرية (ذي الأهداف المانحة)، حيث إن الأول يرفع من القدرات ويعزز النفع العام، والثاني غير التنموي يؤسس للحد الأدنى للعمل على نقل الخيرية إلى خيري وتنموي. قد لا يكون من المناسب التخلي عن القطاع غير الربحي الخيري، ولكن إيجاد الوسائل لدعمه، لأن استثمار أولويات الأعمال يتطلب الاسترشاد بحاجات المجتمع وليس العكس، ويتطلب أيضا إعطاء الفرصة الكاملة من النواحي القانونية والشرعية والمادية، بعيدا عن تأثير سياسات القطاعين الأول والثاني، ليكون القطاع الثالث الأكثر حيوية واستشعارا بمستقبل الأعمال الواعدة لتحقيق الرفاهية والاستقرار.



رئيسة مجلس إدارة

الجمعية الفيصلية الخيرية النسوية في جدة

ورئيسة مركز الدراسات والأبحاث في مؤسسة الملك سعود