إسماعيل محمد التركستاني

نعم.. ولكن!

السبت - 31 ديسمبر 2016

Sat - 31 Dec 2016

كل عامل مهما كان مستواه المهني ويعمل في أي منشأة صحية، فإنه ينتظر ويمني النفس بالاستماع إلى جملة تحفيزية وتشجيعية وتقدير، خاصة من القيادات الصحية التي يعمل تحت إشرافها ومن الزملاء المحيطين له في بيئة العمل. تلك العبارات التشجيعية والمكونة من تركيبة من الكلمات الجميلة لها دور هام في صناعة جو رائع في بيئة العمل الصحي، وأنا مؤمن أن الجميع يتفق معي على ما تقدمت به.



ونتفق أيضا، أن دور القائد الصحي لا يكون فقط هو إصدار القرارات تلو القرارات والجلوس في مكتب فخم محاطا بفريق إداري، ويكون الدخول إليه باستئذان أو موعد مسبق!



إن دور القائد الصحي هو في تهيئة بيئة عمل مناسبة لجميع العاملين تحت قيادته، وذلك عن طريق المخاطبات اللفظية المباشرة مثل اختيار الجمل التحفيزية التي تلعب دورا هاما في تحفيز جميع العاملين ممن هم حوله، لتقديم أفضل ما لديهم من إنتاج ثقافي ومهني. كانت تلك مقدمة لموضوع كنت أرغب الكتابة فيه منذ فترة (وقد حان كتابته لمناسبة لائقة) ألا وهو: لا بد أن ندرك تماما أن الصورة النمطية للخدمات الصحية والمتمثلة في الطبيب الذي يلبس المعطف الأبيض، ويحمل حول عنقه سماعة طبية، هي صورة قديمة تلاشت مع معايير المنظومة الصحية الحديثة (ولكنها وللأسف ما زالت تعشش في عقلية بعض القيادات الصحية)، كيف؟



العاملون في المنشأة الصحية من غير الأطباء مثل التمريض والأخصائيين (مختبر، أشعة، علاج طبيعي، اجتماعي، صيدلة، التغذية وغيرهم) إلى جانب الأعمال الفنية الأخرى مثل التعقيم، الصيانة وغيرها، لهم دور كبير وهام في نجاح وارتقاء واستمرارية الخدمات الصحية على مدار اليوم، والشهر والعام.



إن الموظفين الذين يستقبلونك في مكتب الدخول، علاقات وشؤون المرضي، الخدمات الاجتماعية، عمال النظافة والصيانة، السكرتارية، والاتصالات الإدارية، هؤلاء يقع على عاتقهم تنظيم عمل المنشأة الصحية على مدار الساعة، وتنظيم كل ما له صلة بالمريض، ويسهمون بجهدهم لكي يحصل المريض على أفضل رعاية صحية وتحسين عمل المنشأة الصحية التي يعملون فيها عن طريق الوقوف بعملهم إيجابا بجوار الطبيب لكي يقوم بدوره المهني في رعاية المريض. ومع العدد الكبير من المراجعين للمنشأة الصحية، سوف يكون هناك كم كبير من التحديات اليومية والتي لا يمكن التغلب عليها إلا بوجود مثل هؤلاء العاملين (من غير الأطباء)، ولك أن تتخيل (تلك التحديات) من خلال زيارة إحدى المنشآت الصحية بالمشاعر المقدسة ومكة والمدينة (خلال موسم الحج) أو زيارة أحد أقسام الطوارئ بالمستشفيات الكبيرة أو حتى أحد مراكز الرعاية الصحية.



باختصار، لا ننكر الدور الهام للطبيب وأنه ركن هام وأساسي في الرعاية الصحية وفي رعاية المريض، وفي المقابل، لا نستطيع التقليل من أهمية دور مقدمي الخدمات الطبية الأخرى (من غير الأطباء) في جودة الخدمات الطبية والرعاية المقدمة وخاصة التمريض السعودي. ومن هنا تكمن أهمية معايير الجودة الشاملة للخدمات الطبية وتطبيقاتها في المنشآت الصحية والتي تنظر نظرة شاملة بدون تمييز مهنة صحية على أخرى. إذن، عندما يقول القائد الصحي إن الكادر الصحي السعودي (بجميع طوائفه) العامل في قطاع الرعاية الصحية قد وصل إلى أفضل المستويات المهنية، وهو مكان فخر واعتزاز الجميع، قد تكون تركيبة الجملة التشجيعية أفضل بكثير من أن يكون التركيز في الاحترام والتقدير والتمييز للطبيب فقط. نعم، الجميع مسؤول ولكن، من ينصف؟