أحمد الهلالي

لا تبكوا على حلب!

الثلاثاء - 20 ديسمبر 2016

Tue - 20 Dec 2016

لست من متابعي الأخبار، فالطبق الهوائي تعطل بعدما أجريت بعض الترميمات للمنزل، لكن الإعلام الجديد لم يترك أحدا في هدوئه، فكل المواقع تعج بالأخبار بكل ألوانها الحمراء، فالأحمر المرهق يتسيد مشهدنا العربي منذ انطلاق (الجحيم العربي)، وقبله انقداح شرارة الطائفية في العراق.



في لمحات بسيطة عبر المواقع الالكترونية، رأيت نار الموت تحرق (حلب)، وعلمت أن الأقوياء بالسلاح فيها صموا آذانهم عن نداءات العالم الخجولة، ولم يلتفتوا إلى وقف القتل والتدمير، بل يزيدون وتيرة عدوانهم السافر على كل القيم الإنسانية.



لا يمكن لإنسان أن يرى ما يحدث في سوريا ولا يشعر بالأسى إلا إن كان متحجرا، أو ينتمي إلى الفئة القاتلة، لكني كمواطن لا أملك إلا الدعاء أن يفرج الله ما بهم وأن يزيح عنهم كابوس الحرب البئيس.

لكن الأسى يتضاعف مما قرأت في وسائل التفاصل الاجتماعي من اتهامات آثمة، فمنهم من يلقي باللوم على بلادنا وهي لم تدخر جهدا في نصرة العرب والمسلمين في كل مكان، وها هي على جبهات عدة، ومن يلقي باللوم على إعلامنا، ولو جلسوا ساعة أمام قناة الإخبارية السعودية أو قناة العربية أو تصفحوا صحفنا اليومية لعلموا أن الإعلام يؤدي دوره بكل مهنية وتعاطف مع الإنسان المسحوق في حرب ظالمة.



وهناك أيضا من يوزع التهم على المواطنين وفق تصنيفات تبنيها خيالاته، وكأن من يتهمهم يعملون في الجيش الروسي أو الأسدي أو الإيراني أو ميليشيات حزب الله، ومثله من يتهم كل من يكتب عن غير ما يجري في سوريا، وربما يفتش صفحات الناس ليصنفهم وفق أهوائه المجنونة.



كل هذه الأمور تحدث اليوم، ونحن نعلم أن الحرب السورية تجاوزت الخمس سنوات، وأن الموت لم يترك أسرة سورية إلا وأخذ نصيبه منها، فليت الناس يعقلون، وليتهم يتذكرون انطلاق الثورة السورية، حين كانت بين شعب وقيادة مقصرة، فتقافزت رؤوس الفتنة من كل قطر عربي تؤجج المكونات السورية ضد بعضها، فسال لعاب أصحاب الأطماع السياسية في اقتسام سوريا مع من اقتسم، حتى قلبوا المعادلة إلى حرب بين الشيعة والسنة، فكانت دعاواهم سندا قويا لإيران وحزب الله، وكانت ورقة بيد التنظيمات الإرهابية التي لم تجد ما تكفره إلا جيش المقاومة السورية (الجيش الحر) الذي تمزق بين نيران الأسد ونيران الإرهابيين، وكانت حجة الإرهاب سلم الأسد إلى طائرات بوتين العمياء، لماذا يلام الساسة اليوم؟ ولماذا يلام الإعلام العربي؟ لماذا لا يوجه اللوم إلى العريفي والعرعور ومن شاكلهما من أصحاب دعاوى الحروب السماوية و(الملائكة)، وإلى ملالي الشر في طهران؟



الحروب الطائفية طاحنة ومدمرة، وقد سوغت للأسد الاستنجاد بكل من في قلبه ذرة منها، حتى بلغ استنجاده بحلفاء حلفائه الطائفيين فسلم سوريا لروسيا، فلا تتباكوا على حلب ولا على سوريا، ولكن ابكوا عميقا على سذاجتنا وعواطفنا المهدرة دون ضابط خلف كل ناعق يشعل الحرائق في المجتمعات ليحقق مآرب يعلمها الله وحده، وابكوا على عروبة مدنسة تتهاوى قيمها تباعا!



[email protected]