عبدالغني القش

بهرجة إعلامية جوفاء!

الاحد - 18 ديسمبر 2016

Sun - 18 Dec 2016

تداول مستخدمو برامج الجوال ومواقع التواصل الاجتماعي مؤخرا، زيارة لأحد الوزراء لموقع تابع لوزارته اشتهر عنه كثرة الحرائق بين الفينة والأخرى، والعجيب أن الزيارة كانت معدة ومعلنة مسبقا، فتمت زيارة أقسام محددة ومواقع معينة، إلى أن قابلته مواطنة جريئة كشفت المستور، وأظهرت الخلل، بل وقالت للوزير بالحرف الواحد: هم جعلوك تشاهد ما أعدوه لك، ولكن أريدك أن ترى واقع الحال على طبيعته، وطلبت منه أن يأتي لقسمها ويرى ذلك، فما كان من معاليه إلا أن استجاب لطلبها!



مثل هذا الواقع يجعل المتابع يتساءل عن قيمة وفائدة مثل هذه الزيارات، وهل هي مجدية فعلا، أم إنها مجرد بهرجة إعلامية لا طائل من ورائها؟



وبودي أن تتسع دائرة السؤال لتشمل التعجب من إخطار الجهة التي تراد زيارتها، والتي يتوقع كل أحد أن تكثف استعداداتها وتجمل مواقعها لتستقبل صاحب المعالي!



إن من المفترض أن يقوم كل مسؤول بزيارات مفاجئة، ليرى الأمور على طبيعتها، وحينها يكتشف مواطن الخلل ويطالع مواقع الزلل، فتكون الزيارة مجدية، وتعود بالنفع والفائدة على الطرفين؛ فالوزير لا يفترض أن ينتظر الخطابات والطلبات لتصله إلى مكتبه، بل يعاين التقصير ويشاهد الخلل ويحاول أن يسد الثغرات ويكمل النقص في الخدمات.



وقد سبق لصحفنا أن نشرت بعض النتائج العكسية، والتي ربما كانت كارثية، لبعض الاستعدادات للزيارات، وأذكر أن وزيرا أراد زيارة مستشفى في إحدى المناطق، فما كان من القائمين عليه إلا أن قاموا بطلائه، مما أثر سلبا على مرضى الربو وضيق التنفس، وأدخل البعض في حالات حرجة!



العجيب في مثل هذه الحالات - والتي تتكرر مع بالغ الأسف - أنها تمر دون اتخاذ قرارات صارمة وإجراءات حازمة، فالمسؤول الذي حاول تغيير الواقع يبقى في مكانه، ويبدو أن الوزير على قناعة أن إعلان الزيارة هو السبب الرئيس والخطأ من الأساس!



وتتسع دائرة التعجب شيئا فشيئا إلى أن تصل للدور المفقود للجهات الرقابية لدينا، سواء ذات الصفات الاعتبارية أو التي تعمل في الوزارات نفسها، وهو ما أدى إلى وجود النقص وعدم تلافي الخلل، وأجدد مناشدتي بإغلاق الأخيرة منها؛ فقد أثبتت الأيام عدم جدواها المطلق، إذ الحال يبقى على ما هو عليه، وفي النهاية هي أقسام يقبع فيها موظفون لا دور لهم، ويكلفون ميزانية الوزارة أموالا طائلة، بلا جدوى!

إن الجهة التي تظهرها صحافتنا ووسائل الإعلام بشكل عام، سواء التقليدية منها أو الحديثة، يفترض أن يزورها الوزير بشكل خفي ومفاجئ، ليرى بأم عينيه الواقع ويشاهد الحقيقة.



وأؤكد لكل مسؤول أن العبارات المستهلكة التي تتضمنها بيانات صادرة عن جهته، قد عفا عليها الزمن وباتت غير مقنعة للمتلقي.



ليتنا نراقب عن بعد كل ما يجري في جهاتنا، والوسائل الحديثة من كاميرات وغيرها تتيح للجميع متابعة ما يجري دون الحاجة للذهاب أو الإياب، أو إرسال اللجان وغيرها من وسائل تقليدية تكلف الأموال ولا تحقق الفائدة المرجوة.



ونقطة مهمة أرجو أن يضعها كل مسؤول نصب عينيه؛ أنه مواطن بالدرجة الأولى، ومؤتمن على وزارته والجهات التابعة لها، والأمانة تقتضي المتابعة الدقيقة والمستمرة، ولا حاجة لإخطار أي جهة بالزيارة، والواقع يقتضي مفاجأة الجميع، سواء المسؤولين أو المراجعين، لمشاهدة الواقع كما هو دون رتوش أو تزيين.



وهمسة في أذن الجميع بأن يضعوا هاتفا في كل جهة للشكوى والمقترحات، وتفعيله بالشكل المطلوب بحيث لا يلحق بالزيارات المعلنة، واللبيب بالإشارة يفهم.



[email protected]