صلاة لا تنهى عن فحشاء ولا منكر!

الاحد - 18 ديسمبر 2016

Sun - 18 Dec 2016

يريد بعض المشايخ والخطباء إقناعنا أن هتك الرجل عرض أمه أو أخته أو ابنته أهون عند الله من تركه لصلاته أو تعاطيه الربا! رغم أن ضرر الفعلين المباشر يقتصر على الشخص ذاته، في حين لا حصر لمساوئ زنا المحارم وللكوارث التي يجرها على الضحايا وعلى الأسرة ككل، فمن أمراض نفسية مزمنة سيصبن بها، لاحتمال ولادتهن لمسخ هو ابنها وابن ابنها أو ابن أخيها في الوقت نفسه، لسمعة عائلة ستتمرغ في الوحل لقرون قادمة، وتنضم نساؤها لتعداد العوانس والمطلقات وربما مدمنات المخدرات والمنتحرات هربا من جحيم لا يطاق!



وفي حين أن صحة الأحاديث النبوية التي تفيد عظم ذنب ترك الصلاة والربا مقارنة بزنا المحارم مختلف عليها، ويردها العقل والقرآن حين تعرض عليه، نجد استماتة بعض الخطباء والمشايخ دفاعا عنها، لجر الشباب للصلاة بحبال التخويف والترهيب، دون اكتراث لإقامتها بخشوع أو تأديتها كيفما اتفق، تصلى بوعي وإيمان عميق بأهدافها السامية، أم يتخذها المصلي رياضة تخفف وزنه وتنفض الغبار عن بدنه! هذا ما لم يؤدها نفاقا لكسب قبول مجتمعي، وتوسيع لخيارات الزواج من بنات الحي!



ليت الخطباء يتحفوننا بسبب عدم نهي الصلاة لـ 1191 شخصا - اكتشفت إصابتهم بالإيدز العام الماضي - عن الفحشاء، وما سبب تعثر مصلي الفجر يوميا بلقيط - أو اثنين - يرتجف بردا في كرتون برتقال فارغ، ولمن كانت ستباع آلاف الليترات من الخمور التي يضبطها الجمارك وأمن الطرق يوميا؟!



كثير من المجرمين والفاسدين وسارقي أرزاق العباد والبلاد يقفون في الصف الأول خلف الأمام في كل صلاة، وبعض المهرولين للمسجد مع كل أذان فجروا أحزمتهم الناسفة في مصلين آخرين يقفون بين يدي الله، دون أن يرف لهم جفن أو يصيبهم تردد.



ما قيمة صلاة هؤلاء إن لم تمنعهم من إيذاء أنفسهم، وتقي الناس قذارتهم وشرورهم ووحشيتهم وتجبرهم على الضعيف والمحتاج؟! وهل قيمة إسلام الشخص في عبادات ظاهرها الصلاح وباطنها أجوف، أم في تهذيبه لخلقه ومعاملاته ورحمته وعدله مع القريب والبعيد والمواطن والغريب والفقير والوزير؟!



يظن الخطباء أن مستمعيهم هم نفسهم قبل 50 عاما، أغلبية «لا تفك الخط»، تتلقف ما يلفظ شيخها تلقف الظمآن للماء في الصحراء بلا تمييز ولا تمحيص، يغفلون أن الزمن تغير والشباب تعلم وارتقى، وأنهم يخطبون الآن في المهندس والطبيب والعالم والباحث، ولا بد لخطابهم أن يتطور وفق تطور العقول الموجه لها، وإلا خلفوهم وراء ظهورهم، وسدوا آذانهم عنهم خشية الصمم من عبارات ينبذها العقل والمنطق، فلا يبقى في مجالسهم إلا مصابو الشلل الدماغي أو طاعنو السن!



إن تحول عدد من الخطب المصورة تلفزيونيا إلى مادة للتندر والسخرية وإثارتها السخط والاستهجان مؤشر لأهمية غربلة وتمحيص ما يوجه للعامة.



ولأن لخطب المساجد وما يقال في حلقات تحفيظ القرآن تأثيرهما، فالمسؤولية هائلة وخطيرة على عاتق القائمين على ملايين المساجد، من رقابة وتجويد ما يبث فيها، ورفع مستوى العاملين بها؛ ليتحقق المأمول منها، وتكون منابع تنشر رحمة الإسلام، وسماحته، وعدله ومساواته.