عبدالله محمد الشهراني

طائرة الدرون والمستقبل المفتوح

الأربعاء - 07 ديسمبر 2016

Wed - 07 Dec 2016

الإبداع في مجال الطيران ما زال يافعا، فمنذ أن حلق الأخوان رايت عام 1903 لم تتوقف تجارب الاختراع والتطوير، لكنها ومن وجهة نظري محدودة مقارنة بالفترة الزمنية والصناعات الأخرى، أما في السنوات الخمس الأخيرة فمجال صناعة الطيران أصبح كحال بقية الصناعات، ابتكارات وتحسينات كثيرة وسرعة في الإنتاج، ونرى ذلك جليا في طائرات الدرون (drone)، وهي نوعية من الطائرات التي تطير بدون طيار، يتم التحكم بها عن بعد، وهي قديمة من ناحية الفكرة والتصنيع، إذ تم استخدامها أول مرة في إنجلترا عام 1917، ثم بدأ استخدامها في عمليات التجسس أثناء الحروب، وكان أول استخدام عسكري لها في عام 1960، والآن نجد نحو 400 شركة في العالم تتنافس في تصنيعها وتطويرها.



تعد طائرة الدرون نقلة نوعية وتطورا مذهلا وفائدة كبيرة للبشرية، إذ أصبح استخدامها لا يقتصر على المجال العسكري فقط، بل امتد إلى الزراعة لتراقب الطائرة الإنتاج وتطرد الحيوانات التي تهاجم المحاصيل ومهام أخرى تخص الري والسماد. ونجدها ضرورية في عالم التصوير السينمائي والنقل المباشر وتغطية الأحداث، حيث تصل إلى مواقع لم تكن تستطيع الكاميرا أن تصل إليها من قبل.



وتلعب دورا مهما في البناء والتشييد فهي تستطيع أن تراقب عملية البناء اليومي لمشروع ما، وتصدر له التقرير الخاص به، ويمكنها أيضا إجراء الفحوصات الدورية للأبراج العالية والجسور الطويلة، وأما عن الرفع المساحي فقد تفوقت على الطريقة التقليدية بفارق كبير، فالمساحة التي كانت تقاس وتحدد بالطريقة التقليدية وتستغرق قرابة الشهر أصبحت بالدرون تستغرق 6 ساعات، والمساحات الكبيرة التي تستغرق 12 شهرا لا تحتاج الدرون لأكثر من 3 أيام لرفع مساحتها. ومؤخرا بدأ استخدامها في مجال الصحة، إذ شرعت بعض الدول في استخدام الطائرة في الحالات الطارئة كالإسعاف، وخصوصا في الأماكن المزدحمة حيث تصل إلى الحالة حسب الإحداثيات المرسلة لها، مصطحبة معها الدواء ومجهزة بمكبرات صوت، ليتمكن الطبيب من مكتبه التواصل مع الشخص المرافق ليطلب منه إجراء اللازم للمصاب، وأيضا نجد الدرون في أفريقيا تستخدم في إرسال الدواء خلال ساعة لقرى كان الدواء يحتاج إلى أيام لكي يصل إليها.



أما عن مستقبلها، ففي ولاية كاليفورنيا تجد الجنود يرتدون الملابس الأنيقة متجهين إلى مركز وزارة الدفاع، ملتقطين أجهزة التحكم بطائرات الدرون التي تخوض معارك في أنحاء متفرقة من العالم، وحين انتهاء الدوام (الوردية) يستقلون سياراتهم متجهين إلى أسرهم! حروب تدار عن بعد! وجندي غير مضطر للذهاب إلى ساحة القتال (وكأنها لعبة في جهاز سوني بلايستيشن)! وقريبا سوف تقتحم مجال البريد والشحن، ففي تجربة رائعة لهيئة البريد الفنلندي ولمدة 4 أيام، تم نقل الطرود التي وصل وزن بعضها إلى 3 كجم بواسطة الدرون بين العاصمة هلسنكي وجزيرة سومينلينا على بعد خمسة كيلومترات، ولم تحدث أي مشاكل خلال التجربة إلا أن التسليم لم يكن دقيقا جدا بالمتر المربع.



وبالنسبة للشحن فقد أعلنت شركة أمازون (أكبر موقع بيع الكتروني في العالم) عن مشروعها الكبير، والذي سوف يمكن الشركة من شحن البضائع من المستودع إلى العميل مباشرة، عن طريق استخدام طائرة الدرون، مشروع سوف يسهم في تقليل التكاليف وزيادة المبيعات وتقليص الوقت بشكل كبير، ويحمل المشروع في طياته مقترحا لمستويات التحليق لكل نوع من الطائرات، فقد خصص المقترح أول مستوى والذي يصل إلى 200 قدم للطائرات الدرون غير المتطورة، ومن مستوى 200 إلى 400 قدم لطائرات الدرون المزودة بأنظمة الملاحة، ومستوى أعلى يبدأ من 400 قدم يخصص للطائرات المدنية.



أما بالنسبة لآخر التطورات في هذه الصناعة، فقد طورت جامعة جونز هوبكينز الأمريكية الدرون بحيث يمكنها الاختباء 60 مترا تحت الماء لعدة شهور وأن تطير مرة أخرى بدون أي مشكلة. ومن ناحية أخرى تم تصنيع طائرة درون بحجم العملة المعدنية، وأترك لمخيلتكم تصور المجالات التي يمكن استخدام هذا الحجم فيها. وعن مستقبل صناعة هذا النوع اقتصاديا، فلقد استشرفت شركة تيل قروب لأبحاث الفضاء عن مستقبل مبيعات ضخم للدرون بحلول عام 2023 والذي يقدر بـ 89 مليار دولار.



هذا النوع من الصناعة يقابله تخوف مبرر من قبل الحكومات، ويمكن رده إلى ثلاثة أمور، الأول استخدام هذا النوع في تنفيذ عمليات إرهابية، والثاني سلامة الملاحة الجوية، والثالث انتهاك الخصوصيات وعمليات التجسس. إضافة إلى عامل التكلفة البسيط الذي يزيد من احتمالية حدوث تلك المخاوف.

من الأمور الطريفة بالنسبة لاستخدامات الدرون تلك التجربة التي قامت بها الصين لمراقبة اختبارات القبول بالجامعة بواسطتها ، والرجل الذي اكتشف خيانة زوجته، فقد ترك الطائرة تحلق أعلى الحي، لتوثيق الحالة بالتفصيل فيما بعد. تقول الدراسات إن طائرات الدرون ستملأ السماء بحلول عام 2030، وأقول «كلها خمس سنوات وحنشوف هذه الطائرات تحلق فوق رؤوسنا دون استغراب كحال الحمام والعصافير».



مجالات استخدام طائرة الدرون

- المجال العسكري

- البناء والتشييد

- الإعلام

- (السينما وتغطية الأحداث)

- الزراعة

- البريد والشحن

- الصحة



مخاوف الحكومات

1 تنفيذ عمليات إرهابية

2 سلامة الملاحة الجوية حروب

3 التجسس وانتهاك الخصوصيات



مستقبل الدرون

1 حروب بلا جنود

2 حقول بلا مزارعين

3 مشاريع بلا مهندسين

4 إسعاف بلا طبيب

5 شحن البضائع مباشرة من المستودع إلى العميل