آلاء لبني

تنمية مستدامة.. اسم على ورق!

الاثنين - 05 ديسمبر 2016

Mon - 05 Dec 2016

في المقال السابق تحدثت عن الأمن المائي والغذائي، وأتابع بتسليط الضوء على بعض الأمور منها:

مفهوم الأمن الغذائي يختلف من دولة لأخرى، ومن أشهر التعريفات هو توفير احتياجات السكان من الغذاء في أي وقت وبأسعار مناسبة. البعض يعتمد على الإنتاج الذاتي لتحقيقه، وآخرون يرتكزون على مبدأ توفير الخزن الاستراتيجي للعدد من المنتجات الأساسية، بعض المختصين يعتبرون عملية الاستيراد بأسعار مناسبة أحد أوجه الأمن الغذائي.



بالنسبة لنا فالصورة غير واضحة إلى الآن، وسننتظر صدور الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي، والتي هي قيد الدراسة كما أوضحت وثيقة الأهداف والمبادرات 2020م.



بالرجوع لقراءة بعض المراحل التاريخية للتنمية الزراعية نذكر الآتي:

- في مرحلة التوسع الزراعي تم التركيز على إنتاجية القمح ذاتيا خصوصا وعلى عدد من المحاصيل، على إثرها حصدنا على جائزتين في التنمية الزراعية من الفاو، ومن ثم أتت مرحلة التراجع لانخفاض العائد، وبسبب قرار إيقاف الصوامع والغلال من شراء القمح المنتج محليا. أتساءل عن سبب التأخر في طرح قرار إيقاف زراعة الأعلاف؟ والذي كان الأولى أن يبتدأ به بدل القمح، فمصدر الغذاء الرئيسي للإنسان أهم من مصدر غذاء الحيوان! أم إن دعم مشاريع الألبان وتصديرها أكثر أهمية، فالأعلاف المنتجة محليا أقل تكلفة من المستوردة.

- في مرحلة الأمن المائي ظهرت مبادرة الملك عبدالله بن عبدالعزيز رحمه الله باعتماد قرار الاستثمار الزراعي الخارجي، والتي ظهرت بسبب الأزمة الغذائية وارتفاع الأسعار العالمية في 2007-2008م، والتي لم يظهر لها أي أثر بعد. تأسيس شركة سالك 2009م كشركة مساهمة سعودية مملوكة لصندوق الاستثمارات العامة نشاطها في مجال الاستثمار الزراعي والحيواني، والتي تسعى لسد احتياجات المملكة من بعض المحاصيل الرئيسة الأرز، القمح، الشعير، الأعلاف، اللحوم...الخ.

- إثر المتغيرات وقرار الأمن المائي انتهجت مؤسسة الحبوب مبدأ الخزن الاستراتيجي من محصول القمح حاليا ووصل لثمانية أشهر، وربما سيصل لسنة كاملة في وقت قريب، ولكن للأسف يغيب إلى اليوم مبدأ الخزن الاستراتيجي من الأرز، السكر، اللحوم.

المحصلة النهائية للوضع الحالي في النقاط الآتية:

- توسع زراعي غير مدروس أو مقنن لمحاصيل تستهلك مياها بكميات مائية عالية، أعلاف، تمور، زيتون...الخ.

- تدهور بيئي وتغير في القدرة الإنتاجية لبعض الأراضي، كالتغير الكمي والنوعي في خواص وصفات التربة وظهور مشاكل كتملح التربة، تصلب القشرة، ارتفاع مستوى الماء الأرضي لغياب التخطيط الزراعي وعدم الاهتمام بمشاريع الصرف الزراعي في كثير من المناطق لارتفاع تكلفتها.

- تراجع المساحات الزراعية بسبب هجر بعض المزارعين لأراضيهم لزيادة التكلفة الاقتصادية للعملية الإنتاجية، أو لانتقال البعض من المناطق الريفية إلى مراكز التنمية بالمدن، مما عرض هذه الأراضي لتعرية وخطر التصحر وزحف الرمال.

-تحول الأراضي الزراعية إلى أراض سكنية.

- تدني وتراجع مستوى المياه الجوفية وتغير في نوعية المياه وزيادة في تركز الملوحة وتلوثها.

هل أدعو لوقف الزراعة؟ لا بالطبع، من يطلب ذلك حتما جاهل بالضرر الإيكولوجي البيئي على هجر الأراضي الزراعية وتعرضها لتعرية، وهذه المشكلة نعاني منها فعلا.



يجب أن نحد من التدهور البيئي بالتوازن بين الأمن الغذائي والمائي بحيث لا يطغى جانب عن جانب آخر.

يجب أن ننطلق من الأوليات الاستراتيجية ومبدأ الكفاية ولو بنسبة بسيطة وليس التصدير!! استمرارنا في فكرة تغطية الاحتياج العالمي لمنظمة التجارة من التمور سيقضي على المزيد من المياه وسوف يساهم في تراجع خصوبة التربة.



الكف عن إغراق السوق المحلية بمنتجات زراعية من خارج المملكة وبذات الوقت يتم زراعتها داخليا هذا المفروض أن يكون على قائمة جدول لجنة الهدر الغذائي.



فمن المعلوم أن المملكة اكتفت ذاتيا من بعض المحاصيل التمور، الخيار، الطماطم، بامية، بطيخ.. الخ، والذي يحدث أن هذه المنتجات تزرع تقريبا في كل مناطق المملكة مما يغرق الأسواق بكميات وفيرة بالإضافة إلى ما يتم استيراده، مما يؤدي إلى ازدياد كمية المعروض الذي يؤدي إلى انخفاض السعر والهامش الربحي، وإلى تلف الكثير مما يعني ضياع المياه وتكلفة الإنتاج هباء منثورا !



لا بد من اتخاذ عدد من الإجراءات التي تكفل التنمية المستدامة التي تتعامل مع الظروف المتاحة، كإنشاء مركز بيئي يهتم بكافة المجالات بهدف المحافظة على الموارد وأوجه استغلالها وتحسين البيئة، الاستفادة من مياه السيول بدل تبخرها، وإلقائها في البحار، وضياعها في الأحواض الداخلية والقيعان والسبخات، لعدم وجود السدود والخزانات المناسبة في كثير من الأودية. وتوفير الدعم المادي للمزارعين لتحسين أراضيهم بإنشاء شبكة صرف زراعي لحل مشكلة ارتفاع مستوى المياه الأرضي.



الحقيقة المرة الحروب وتراشق التهم بين القطاعين المائي والغذائي لم يسهم إلا في تراجعنا.