أحمد صالح حلبي

القنصل التركي يترك أثرا

الأربعاء - 23 نوفمبر 2016

Wed - 23 Nov 2016

قبل سنوات مضت كان لقائي الأول بالسيد/ فكرت أوزر عقب تعيينه قنصلا عاما للجمهورية التركية بجدة، وكان ذلك أثناء افتتاح إحدى الفعاليات التي أقامتها القنصلية، وشرفني حينها بالمشاركة في قص شريط الافتتاح، وحينما بدأت الحديث معه باللغة التركية أجابني باللغة العربية فأبهرني بطلاقته وسرعة إجابته وحنكته، فقلت له: إن إجادتك للغة العربية مكسب للمجتمع السعودي الراغب في التعرف عن قرب على تركيا الدولة والشعب، والباحث عن المواقع السياحية والفرص الاستثمارية، وكم أتمنى أن تكون قريبا من المجتمع السعودي لتجيب على تساؤلاتهم، فجاءت إجابته مليئة بالحيوية والنشاط بعيدة عن الدبلوماسية والتهرب، بقوله: أنا هنا للعمل على خدمة وطني بشكل يليق به وبمكانته العالمية.



ولم يكد يمضي عام على تعيينه حتى وجدته قد أوفى بوعده، فغدا حديث المجتمع السعودي في منطقة مكة المكرمة، وخاصة في كل من جدة ومكة المكرمة، فالكل يتحدث عن تواضعه وسرعة بديهته، ولم يكن ذلك لدى السعوديين الذين التقوا به، فقد حظي أبناء الجالية التركية بنصيب كبير من اهتمامه، فقد فتح قلبه قبل بابه لهم، وسعى لجمعهم وإشراكهم في الكثير من الفعاليات والمناسبات، وسعى للعمل على إبراز المنتجات التقليدية التركية، من خلال دعمه وتشجيعه للحرفيين والحرفيات الأتراك المقيمين بالمنطقة، فبرز ما يعرف بالبازار التركي الذي كان يقيمه في حديقة مسكنه، فكان هذا البازار فرصة لتشجيع أبناء جاليته وإبراز نتاجهم أمام الآخرين، وإيضاح الصناعات التقليدية التركية للمجتمع السعودي.



وحينما دعوته في مناسبة خلال موسم الحج، وكان توقيتها ظهرا لم يتراجع أو يعتذر أو حتى يتهرب نتيجة لازدحام الطريق بين جدة ومكة المكرمة، كما يفعل البعض، بل سارع لتلبية الدعوة ليؤكد للجميع بأنه شخص سعيد بعمله، حريص على تواجده بكل محفل ومناسبة ليمثل بلده.

وحينما حل ضيفا على مجلس الشيخ/ أجواد الفاسي الأسبوعي، تحدث بلغة عربية وأسلوب بلاغي جمع بين أصالة الإنسان وحضارة البلدان، متحدثا عن العلاقات السعودية ــ التركية بسرد تاريخي جذب انتباه الحضور، موضحا أن هذه العلاقات ليست بعلاقات دبلوماسية مرتبطة باتفاقيات ومعاهدات، لكنها علاقات أخوية صادقة مرتبطة بعراقة الدين الإسلامي منذ أمد التاريخ.



وخلال زيارته لمهرجان الحارة المكاوية بمكة المكرمة، توقف أمام الكثير من الأعمال والفعاليات معجبا، فكانت كلماته الراقية متمثلة بقوله «من لا ماضي له لا حاضر له، وينبغي أن نحافظ على ماضينا وننقل لأبنائنا قصة كفاحنا، وصعوبة عيشنا».



واليوم وبعد أن أوشكت فترة عمل السيد/ فكرت أوزر على الانتهاء كقنصل عام للجمهورية التركية بجدة، وحان موعد مغادرته للمملكة العربية السعودية، أجد أن كلماتي لن توفيه حقه، فهو إنسان قدم لوطنه الكثير وكان خير ممثل وداعم لأبناء بلده في الكثير من الأعمال، وسيترك أثرا واضحا، داخل المجتمع السعودي والمقيمين الأتراك.



فشكرا أستاذ فكرت وتمنياتنا لك بالتوفيق والنجاح، وكم نتمنى أن تمدد فترة إقامتك فقد أحبك الكثيرون لتواضعك مع الصغير قبل الكبير، وفقك الله بكل موقع تخدم فيه وطنك.