شخصية الرئيس ترامب

الأربعاء - 23 نوفمبر 2016

Wed - 23 Nov 2016

أزال فوز السيد دونالد ترامب برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية شبح فوز المرشحة السابقة للرئاسة السيدة هيلاري كلينتون التي لو تمكنت من الفوز لكانت نسخة طبق الأصل عن الرئيس باراك أوباما، وبالتالي لن يتغير شيء، باعتبارها كانت جزءا من إداراته، وامتدادا لسلطة الحزب الديمقراطي الذي يجمعهما من جهة أخرى.



أما السيد ترامب، فرغم ما أبداه من آراء متشددة تجاه قضايا متعددة، إلا أن رغبة الناخب الأمريكي تجاوزت كل التوقعات واستطلاعات الرأي ووسائل الإعلام، وبما أنه أصبح رئيسا فهذه هي الحقيقة التي يجب ألا يتجاهلها العالم، أي إنه أصبح على رأس السلطة السياسية لأهم وأكبر وأقوى دولة في العالم في العصر الحالي، وهي -رغم سوئها- فرصة جيدة لهذا العالم للتعامل مع تجربة جديدة لن تتجاوز-رغم غموضها- المنهج السياسي الأمريكي واستراتيجياته، ولا سيما أن تجربة الرئيس السلف لم تكن أبدا بحجم التوقعات التي أبداها العالم تجاهها عام 2008.



التعامل مع شخصية السيد ترامب ليس صعبا أبدا، فشخصيته واضحة بما فيها من غموض أو تناقض أو ازدواجية، لكنه يتمتع بطاقة روحية وجسدية هائلة تمكنه من أن يكون شخصية اجتماعية بارزة، بالإضافة إلى كونه ابن أسرة «ترامب» المعتدة بجذورها ذات التاريخ الاقتصادي والاجتماعي، وبما أنه رجل سلطة كان محورها المال، فإنه الآن رجل سلطة محورها السياسة، وتشير شخصيته القوية إلى أنه عازم على صناعة سجل سياسي سيتذكره العالم لوقت طويل.

طالما كان ترامب محبا للظهور في وسائل الإعلام وخاصة التلفزيون، ولديه تجارب في هذا الاتجاه منها التمثيل لوقت وجيز، حاصلا بذلك على جائزة أسوأ ممثل، كما أنه خاض مجال المصارعة الحرة مدربا وقدم إثارة إعلامية في هذا الصدد، كما خاض مجال الظهور لدقائق مع ممثلات الأفلام الإباحية، وما زالت الجماهير تتذكره بهذه الصورة رغم ظهوره في خطاباته الانتخابية سياسيا.



إلا أن الواقع يوحي بأن صورته السابقة انتهت، ونحن الآن أمام رئيس سوف يكبح أسلوبه الفظ وسلاطة لسانه وفضوله الشديد، وسوف يخضع لتدريبات تعديل سلوك، كما خضع غيره من الرؤساء من خلال برامج تدريبية على الكلام أو الحركة وغيرهما من برامج تغيير السلوك، ومنهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي كانت معلمته تصف مشيته بمشية البجعة.



الرئيس ترامب شخص معتد بذاته وهذا ما يجعل منه رئيسا قويا لدولة قوية، ولكن لديه شخصية تشير إلى وجود غطرسة وتمحور حول الذات أيضا، ومن الصعب إرضاؤه في كل الأمور، كما أنه دقيق الملاحظة ولا يمكن خداعه أبدا، بل من الصعب معرفة ما يدور في ذهنه بسهولة، لكنه يتقارب غالبا من المقاربين لطريقة تفكيره، ولديه فضول للتعرف إلى فئات البشر على اختلاف أفكارهم ودياناتهم وألوانهم ولغاتهم، وهذا ما يثبت أنه ليس بالصورة العنصرية القاتمة المرسومة عنه.



الرئيس ترامب ابن عائلة ذات جذور أرستقراطية، يعتز بأصوله الأوروبية البيضاء، ويفتخر بإرث عائلته الاقتصادي، ويتحدث كثيرا عن ذكريات عائلته، ويحب أن يعيش كالأباطرة رغم بساطته في بعض سلوكياته.

لا يمارس الرياضة ولكنه رغم ذلك لديه طاقة وحيوية كبيرة، لا يحب أن يكون ملتزما بكل شيء، ومنها علاقاته الاجتماعية الخاصة، بينما يحب أن يلتزم تجاهه الآخرون بكل شيء، لا يهوى الأشياء السهلة، ويعشق عيش التحدي، ورغم جموحه، لن يكون متفردا بالقرار وإن رغب؛ لأن بلاده دولة مؤسسات ارتأت تصحيح فترة ضعفها وهوانها لثماني سنوات بحركة تصحيحية قد تكون عاصفة لكنها ستكون نشطة ومثمرة، واختيرت شخصيته بعناية ليكون أشبه بزعيم في وقت افتقدت فيه بلاده للزعامة، بعد ما اعتبر عهد سلفه أوباما فترة «الرسوب السياسي الأمريكي».