أين تطوير من يعملون «ساعة»؟

الأربعاء - 26 أكتوبر 2016

Wed - 26 Oct 2016

انطلق مشروع الملك عبدالله لتطوير التعليم (تطوير) عام 2013 بميزانية مهولة 9 مليارات ريال وأهداف بدت لقارئها مهولة كما تقترح ميزانيته، ومدة تنفيذ ست سنوات. كان من ضمن خطة المشروع «بناء نظام متكامل للمعايير التربوية والتقويم والمحاسبية وتنفيذ برامج رئيسة لتطوير التعليم، منها: التطوير المهني المستمر للعاملين في التعليم جميعهم، تطوير المناهج ومواد التعلم، تحسين البيئة المدرسية لتعزيز التعلم، توظيف تقنية المعلومات لتحسين التعلم، والأنشطة غير الصفية والخدمات الطلابية». دعونا نستعرض ما أنجز من هذه الأهداف مع عدم التشكيك في صدق الرؤية وأهميتها كحال كثير من الرؤى الباعثة على الأمل والذي لا يلبث أن يزعزعه فشل التنفيذ لتخرج لنا رؤى جديدة بميزانيات جديدة تستنزف اقتصادنا، بينما لا ينتج عنها أي تغيير يلمس.



لنبدأ بما تم إنجازه من باب رفع المعنويات والإيجابية المنشودة، تم تغيير شعار التعليم مرتين خلال هذه الفترة البسيطة بتكلفة بلغت في المرة الأولى 41 مليونا -لاستبعاد سوء الفهم لأنه وارد وبقوة نود التنويه إلى أن المبلغ المذكور لا يشمل تطوير أي مفاصل جوهرية فهو خاص بتغيير الشعار والصورة لا غير، أما الباطن فسنصل إليه لاحقا، عندما تصل الوزارة إليه على خير. ولأن تكلفة تغيير الشعار أثارت جدلا واسعا في الأوساط المحلية ما لم تتوقعه الوزارة عند المفاخرة به، لم يتم الإعلان عن تكلفة تغيير الشعار للمرة الثانية خلال أقل من ثلاث سنوات. وهنا نتوقف عن سرد المنجزات وكلنا امتنان وثقة.



نأتي لخطة تطوير المناهج والتي لم أجد عن آلياتها ومنتجاتها أي إعلان، وربما كان التقصير من عندي. لكن ما وجدته حتما في منهج الفقه لمرحلة أول متوسط بنين هو أن بول الرضيع الذكر طاهر بينما بول الرضيعة الأنثى نجس والعياذ بالله. أما في منهج الدراسات الإسلامية لغير المتخصصين فيها في الكليات فيتم ذكر خصائص الرجال لتشمل: القوة العقلية، القوة الجسدية، الشجاعة والخشونة، واستمرار الإنجاب والتكسب والإنفاق، ثم يتم إلحاقها بخصائص النساء ومنها: نقصان القوة العقلية، ضعف القوة الجسدية، الحمل والحيض والنفاس والرضاعة والحضانة والثديين!، توقف الإنجاب عند سن معينة، قوة العاطفة وحب الزينة والتزين! وغيرها كثير من الأمثلة -يصعب حصرها في مقال قصير- التي فاتت على هيئة التطوير والتي تواجهها الأمهات والمعلمات كل يوم.



الموضوع غني بالمعلومات وإن سألتموني فهو يستحق بحثا لا مقالا، لكن علي أن أصل الآن لبرنامج التأهيل المهني للعاملين «ساعة في اليوم»، عفوا أقصد العاملين في قطاع التعليم من إداريين ومعلمين. وهنا يصعب قياس إنجازات هذا البرنامج أو تعميم إخفاقات البعض فيه على الكل، لكن بعد ثلاث سنوات -نصف المدة المناطة- من إطلاق المشروع، وإذا سلمنا بتقييم وزير الخدمة المدنية اليوم فلا أعتقد أنه راض عن خط سير المشروع في هذا الجانب كذلك!



أختم في حين أود أن أسهب، من المعيب أن يصرف ما يقارب المئة مليون ريال على تغيير شعار خلال ثلاث سنوات مع عدم المساس بالمحتوى المليء بالتناقضات والتمييز العنصري والذي -لولا تدارك الوالدين والمعلمين الواعين- يبني ذكورا لا يحترمون الإناث وطلابا وطالبات لا يحترمون التنوع والاختلاف ولا يفقهون مبادئ السلمية والتعايش.



ومن المعيب أن يفشل مشروع وراء مشروع ويستنزف اقتصاد الوطن بلا أهداف تتحقق، فإن كان الضعف في تنفيذ الخطط ومراقبة سير العمل فلنتعلم من الفشل ونضعه في الحسبان لكي لا يتكرر!



ومن أعيب المعيب أن يتنصل المسؤول من مسؤولية فشله الإداري ليعلقه على أكتاف الكادحين في القطاع والذين ينتظرون توجيهاته ويعملون بأمره في ما يعد من أصعب المهام الإنسانية والتي تخصص لها الدول المتقدمة أعلى الأجور وأكبر نسبة من التدريب والتأهيل وأرقى قدر من الاحترام والتقدير. هذا وإن نسيت شيئا فاعذروني وذكروني.



[email protected]