لماذا يستمر ربط الريال بالدولار؟

الاحد - 23 أكتوبر 2016

Sun - 23 Oct 2016

رغم تأكيد وزير المالية إبراهيم العساف في لقاء تلفزيوني الأسبوع الماضي أن لا نية لدى المملكة في فك ارتباط الريال بالدولار في الوقت الراهن، إلا أن الإعلان الذي ظهر في نشرة إصدار السندات الدولية السعودية أخيرا فتح المجال للتفكير في فك ارتباط العملة الوطنية بالدولار الأمريكي لأول مرة منذ 30 عاما، حيث ذكرت النشرة أن أحداث المستقبل قد تدفع السعودية لتغيير سياسة ربط صرف الريال بالعملة الأمريكية، مشيرة إلى أن مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما) ما زالت ملتزمة بالربط، إلا أن الأحداث المستقبلية، بما فيها انخفاض أصول احتياطية حكومية، قد تدفع لإعادة النظر في سياسة سعر الصرف.



وتباينت آراء المختصين الماليين والاقتصاديين حيال خطوة فك الارتباط بين العملتين السعودية والأمريكية والتحول إلى سلة عملات، في حين أجمعوا على أن تعويم الريال غير ممكن في الوقت الحاضر، نظرا لاستمرار اعتماد الاقتصاد الوطني على مورد رئيسي واحد، وأن التعويم ربما يكون إحدى السياسات المستقبلية بعد تفعيل قطاعات الاقتصاد المختلفة ونجاح رؤية السعودية 2030.



تناغم قسري

وأشار عضو جمعية الاقتصاد السعودية محمد العمران إلى أن ربط أسعار صرف الريال بالدولار الأمريكي عند 3.75 ريالات بدأ منذ 1986، وهدفه إعطاء نوع من الاستقرار في الإيرادات الحكومية، حيث الاعتماد على النفط المقوم عالميا بالدولار، وكان لذلك فوائد جيدة للاقتصاد تضاف إلى عدم تحمل القطاع الخاص مخاطر تقلب أسعار العملة عند الاستيراد أو التصدير، إلا أن من مساوئ الربط التناغم القسري للسياسة النقدية السعودية مع نظيرتها الأمريكية على الرغم من اختلاف الظروف الاقتصادية في بعض الأحيان، مشيرا إلى أن ربط أي عملة محلية بعملة دولية أو سلة عملات له فوائد ومساوئ، ومصلحة كل بلد هي التي تحدد الطريقة المثلى.



التعويم غير وارد

ولفت العمران إلى أن التعويم يعني فك الارتباط وجعل أسعار الصرف المحلية عائمة أمام جميع العملات الدولية، وهو غير وارد في المملكة على المدى القصير، لكنه قد يحصل في أي وقت مستقبلا إذا تغيرت الظروف.



تغيير المحتوى الاحتياطي

وذكر الخبير المالي والاستراتيجي الدكتور أسعد الجوهر أن الخيارات قليلة في الأجل القصير، ذلك لأن النفط هو المورد الرئيسي للسعودية، ولا مصلحة حاليا بالتحول عن العملة الأمريكية، إلا أنه أشار إلى إمكانية تغيير المحتوى النسبي للاحتياطي، بحيث يكون لليوان واليورو نسبة أكبر في الاحتياطي، لافتا إلى وجود مرونة في تخفيض قيمة الريال للتخفيف من أثر رفع الفائدة على الدولار، فيما أشار إلى صعوبة تعويم الريال، حيث يوقع الاقتصاد في حال من التذبذب.



تبعية السياسة النقدية

ونوه الخبير والمستشار المالي هاني باعثمان إلى أن بقاء الارتباط بين العملتين السعودية والأمريكية أفضل حاليا، لافتا إلى أن الوضع الاقتصادي سيكون أسوأ لولا هذا الارتباط بعد انخفاض سعر برميل النفط بشكل قياسي خلال العامين الأخيرين، لافتا إلى أن الدولارـ كما اليورو واليوان ـ عملة تحوط قوية.

وأشار إلى أن عدم الاستقلالية في السياسة النقدية يعتبر أهم السلبيات، حيث يتحكم في ذلك مجلس الاحتياط الفيدرالي الأمريكي، وفي كل العملات المرتبطة بالدولار.



تخفيض العملة

وأوضح باعثمان أنه في الأوضاع الطبيعية فإن السياسة النقدية للدولة التي ترتفع لديها نسبة التضخم هي تخفيض عملتها بنسبة محددة لامتصاص جزء من التضخم، إلا أن ذلك لا يتأتى في حال الريال المحكوم بالسياسة النقدية الأمريكية، مشيرا إلى أن التعويم غير مطروح حاليا، ولكن توجد إمكانات لذلك مستقبلا، مع تنوع الموارد في ظل رؤية السعودية.



الربط بسلة عملات

في المقابل أبدى أستاذ الاقتصاد بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة الدكتور أسامة الفيلالي تحمسا لربط الريال بسلة عملات، مشيرا إلى أن ذلك يمكن أن يتم بالتدريج ودراسة الظروف المحيطة، لافتا إلى أن السعودية اتخذت خطوة في الاتجاه الصحيح بالتداول المباشر بين اليوان والريال، مما يشكل قاعدة يمكن الاستفادة منها في التحرر تدريجيا من الارتباط بالدولار، والذي يقيد السياسات النقدية إلى حد بعيد.



ونبه الفيلالي إلى صعوبة الانفكاك عن الدولار حاليا في ظل انخفاض أسعار النفط إلى حدود دنيا، في حين أيد تجربة التعامل مع سلة عملات من بينها الدولار وبنسب متوازنة، بحسب قوة كل عملة، «فذلك أمر مطلوب».