شاهر النهاري

تجنيس السومة بين الطمع والتقصير

السبت - 15 أكتوبر 2016

Sat - 15 Oct 2016

نسمع هذه الأيام عن وجود نوايا خفية عند القائمين على المنتخب السعودي لضم اللاعب السوري الخلوق عمر السومة للمنتخب، بعد أن يتم تجنيسه.



ولا نعرف هل هذه حقيقة ستفاجئنا قريبا، أم إن الأمر لا يتعدى كونه إشاعات مواقع التواصل الاجتماعي، التي أصبحت تفرض وجودها، وتبعث على القلق، بطغيانها وتقدمها حتى على الإعلام الرسمي، وبكونها القبس الذي تذكى به نيران الإشاعات والحقائق.



والتجنيس أمر حساس عند الشعب السعودي العظيم الذي يمتلك كثيرا من العادات والتقاليد، والأصالة، والتي لا يمكن إهمالها وتجاوزها كما تفعل بعض الدول الأخرى، التي لا يهمها إلا التمثيل الخارجي، مهما كان عرق أو شكل أو لغة المشهور، الذي يمثلها.



وللتجنيس السعودي ضوابط قانونية صعبة، إلا أنه يتم تذليلها بالفزعة ممن يتبنون ذلك، فيقدمون الطلبات للجهات العليا بالتزكية، أو الشفاعة في تمرير بعض الشروط.



وأنا لا أريد أن أخصص مقالي لتبيان موهبة هذا اللاعب، والتي من الممكن، لا سمح الله، أن تنتهي بإصابة قد تحدث في يوم التجنيس، ولا أريد أن أكون متحجرا متعاميا عما يمكن أن يفعله للمنتخب السعودي.



ولكني أريد أن أناقش مسألة التجنيس بشكل جذري، ولجميع التخصصات العلمية والعملية والفنية والرياضية وغيرها، وهل الوطن بحاجة لمثل هذه الإجراءات، التي تشابه مسألة ملء البطن بالوجبات السريعة؟.



أسئلة لا بد من طرحها، وجهات كثيرة لا بد من مساءلتها:

1. هل قامت الهيئة العامة للرياضة (رعاية الشباب سابقا)، في العقود الماضية بواجباتها نحو ناشئة الوطن، وبشكل متكامل، حتى عجزت عن إيجاد البدائل الرياضية الوطنية.

2. هل قامت مؤسساتنا التعليمية والفنية والحرفية بكل ما هو مطلوب منها حتى أثبتت عجز الشعب عن ضخ العقول والأيدي الماهرة، فنضطر لتجنيس البدائل الجاهزة، إمعانا منها في الكسل والاتكال.

3. ماذا سيكون تأثير التجنيس الجاهز على معنويات الشباب السعودي، ممن سيجد الاهتمام والرعاية والدعم تتجه نحو ساكني الأضواء، وتتركه هو في ظلمته، مهما حفر في الصخر.

4. هل نحن أمة عاجزة، أو قليلة العدد رديئة النوعية والتعليم والتميز، والقدرة على الإبداع وفي شتى مناحي الحياة.



للأسف إن من يطالبون بالتجنيس، ومن يؤيدونهم من المسؤولين هم أنفسهم من لا يهتمون عندما يكون المتميز السعودي طبيبا أو استشاريا أو عالما مغتربا في إحدى الدول الخارجية، بعد إثبات إبداعه في مجال تخصصه، وإهماله وعدم تقديره داخليا؛ فيضطر للرحيل إلى من يثمنون موهبته، ويهبونه كامل حقوقه بعيدا عن بيروقراطية تريد مساواته بكل من حمل شهادة، ولو كانت وهمية.



التجنيس ليس الحل، وكم نتمنى من جميع الوزراء والمسؤولين العودة للعقل والعدل، وإعطاء أبنائنا كامل الحقوق في الحصول على الرعاية منذ ولادتهم، ومتابعة تحصيلهم، وتميزهم، وبذلك لن نرى من يهرب من بلدنا ليعمل في بلد آخر، ولن نجد من يقلب الدنيا رأسا على عقب، ليتم تجنيس مشهور أجنبي، أو حتى متخصص في العلوم.



لدينا شعب عظيم وفيه كل الخير، ويمكن بالإيمان به ورعايته أن نتميز، كأمة لا يشق لها غبار في كل المجالات.

صدقوني أن الثقة والصبر والعناية بشبابنا، ستكفينا شرور سقطات التجنيس وتوابعه.



[email protected]