مرزوق تنباك

وبدأ العام الدراسي الجديد

الثلاثاء - 20 سبتمبر 2016

Tue - 20 Sep 2016

بعد عطلة طويلة - أكثر من ثلث السنة - رجع الطلاب والمعلمون إلى مدارسهم وجامعاتهم، وفتحت مؤسسات التعليم بكل تنوعها وتعدد مساراتها أبوابها مرحبة بمن عاد إليها، وانطلقت رحلة العام القادم، على بركة الله، بعدد كثير من الطلاب والطالبات، غصت بهم المدارس والجامعات.



أكثر من 20% من عدد السكان توجهوا إلى التعليم هذا الأسبوع، وهو عدد كبير بكل المقاييس، وكل مواطن أصبحت له علاقة بالتعليم، الآباء والأمهات والمعلمون والمعلمات، ولا يخلو بيت من علاقة ما في هذا الموضوع الذي تتمحور حوله كل قضايا المجتمع، ليس في كل عام وبدايته، ولكن في كل وقت يحتدم الجدل عن التعليم، وعن رسالته وعن مستواه وما يعلم فيه وما يمكن أن يصير إليه، ولا غرابة في ذلك، فالتعليم ليس قضية وقتية تمر مع مرور مناسبتها وتنتهي بنهايتها، التعليم قضية الأمة كلها التي تلازمها ولا تنفك عنها، وتتجدد مع الوقت وما تدعو إليه الحاجة.



ويقاس نمو المجتمع وكفاءة مستقبله بما يتوفر من قدرات أبنائه، وما يكون عليه تحصيلهم الذي هو في النهاية مقياس تقدم المجتمع ورفاهيته ومصدر إنتاجه، ولأن التعليم بأهميته للحاضر والمستقبل يصبح الحديث عنه برؤى مختلفة وآمال شتى باختلاف الأغراض والمقاصد التي تناط على نتائج التعليم. وأهم ما يطرح اليوم حول التعليم ليس الكمية وليس عدد الجموع التي تتوجه لمؤسسات التعليم بمختلف أنواعها وتعدد تخصصاتها لكن جدل التربويين اليوم عن كيفية التعليم وكفاءته وأهدافه ومخرجاته وما يقدم فيه وتأهيل طلابه لمستقبل الأيام.



نحن من أكثر الدول اهتماما بالتعليم، ومن أكثرها عددا فيمن يتوجهون إلى المدارس والمعاهد ممن هم في سن الدراسة، وقد توسعت الدولة في نشر المدارس والمعاهد المتخصصة في كل أرجاء الوطن، وقلما يوجد طالب لا يحصل على مكان للدراسة في مراحل التعليم العام، وهو حق من حقوقه لا منة فيه ولا فضل، هذا من الناحية الكمية، لكن ما يحتد حوله الجدل في هذا الوقت هو النتيجة النهائية من التعليم، وأهم النتائج الجودة والمستوى اللذان يحققهما لطلابه ومخرجاته. لا شك أن الجميع يدرك أن المستوى العام غير مرض، وأن نسبة كبيرة يتخرجون بقليل من المعرفة والمهارات التي يرجى تحصيلها في مراحل دراستهم، وأن مستوى الخرجين من التعليم العام والتعليم العالي يثير تساؤلا دائما غير مرض للجميع، وفي تقييم سريع يظهر أن الكثرة ورغبة التوسع في نشر المدارس قد سببتا تدني المستوى العام للخرجين، وأصبحت المناهج التي تعطى وتدرس لا تحقق الجودة المطلوبة.



التربويون والمسؤولون عن التعليم يقرون أن بعض من يتخرج في مؤسسات التعليم لا يحققون المستوى الذي يطمح إليه الوطن، وأن هناك فجوة واسعة بين ما يطلبه العمل وما يقدمه التعليم من تأهيل، حتى أصبح الشك يراود الجهات التي ترغب الاستفادة من الخريجين عن إمكان تأهيل الكثير ممن تدفع بهم مؤسسات التعليم إلى مجالات العمل، وقد كشفت الامتحانات البسيطة التي تجريها الجهات الموظفة الضعف الشديد لكثير من الخريجين.



وأسباب الضعف يمكن تلخيصها في ثلاث نقاط أساسية: أولها وأهمها في رأيي التساهل الكبير في مفردات المنهج المقرر، والطرق التي تجرب بين فينة وأخرى دون أن تستكمل مداها، والانتقال منها إلى غيرها. والثاني التساهل الكبير في شروط القبول وعدم تحديد القدرات لكل فئة من الطلاب وتوجيههم لما يناسب قدراتهم وميولهم. وأخيرا الرغبة في أن ينجح الطلاب في نهاية كل عام دون فحص جاد واختبارات صارمة لا يتجاوزها غير القادرين والمؤهلين.



أظن أن ما يجب أن نفعله هو العودة إلى الاختبار النهائي للعام كله، وأن تكون درجة الاختبارات النهائية من مئة درجة وعدم احتساب الأعمال الفصلية في النجاح، وهذا ما تفعله أكثر الدول العربية اليوم، أما درجة الأعمال الفصلية التي تمنحها المدارس لطلابها أثناء العام فقد ثبت عدم قدرتها على تقويم كفاءة تحصيل الطلاب، وهي من أسباب الضعف مع أسباب كثيرة ملئت بها الصحائف منذ عشرين سنة، وآلت بنا لمستوى لا يجهله أحد ممن يوكل إليهم شأن التعليم.



[email protected]