عبدالغني القش

فوضى الأسعار.. وجشع التجار!

الاحد - 28 أغسطس 2016

Sun - 28 Aug 2016

انتشرت في الأيام الماضية مقاطع تظهر نزولا حادا في أسعار المواشي، وأخرى لبعض التجار ذكر أنها كانت عبارة عن لقاء مع المسؤولين في وزارة الزراعة.



والحق أن الأسعار تشهد فوضى عجيبة، فالمواشي بلغت أسعارها حدا لا يمكن قبوله، حيث تجاوزت سقف نصف رواتب بعض الموظفين، ولك أن تتصور أن ذلك بدون مبرر، فلم يرتفع شيء ولكنه مجرد تحديد من قبل أناس يسيطرون على الأسواق، ويريدون تحقيق أرباح طائلة وليذهب غيرهم إلى هاوية التلظي بجحيم الأسعار.



ومن المؤكد أن المستهلك مضطر للشراء وبخاصة أننا نعيش أيام الإجازة الصيفية - موسم الزواجات ومقبلون على عيد الأضحى، وهي تلتهب وبضراوة.



ولو بحثنا يمنة ويسرة فإننا لن نجد إلا أسعارا تلتهب وقيما ترتفع دون مبرر، وعلى أقل تقدير فإن بعضها ثبت بعد ارتفاعه بشكل هائل، على الرغم من زوال المسببات، وكأن الأصل بات أن الارتفاع اختيار والنزول ضرب من المستحيل!



ولا أعتقد أنني بحاجة لضرب الأمثلة؛ فالواقع يؤكد هذا، وبنظرة واحدة لأسواقنا تجد نفسك مقتنعا تماما.



وقس على المواشي الكثير من السلع التي ارتفعت وبقيت على حالها، وهذا يحدث في ظل غياب تام لدور الرقيب والحسيب.



العجيب أن مثل هذه المواضيع تطرح وبقوة في مواقع التواصل الاجتماعي وبرامج الجوال ويتم تداولها على نطاق واسع، والمسؤول يقبع في برجه العاجي وربما ضحك وسخر، غير أنه في النهاية لا يحرك ساكنا!



إن من المفترض أن تواكب الأسعار تلك المسببات حضورا وغيابا.



فعندما ارتفعت أسعار المواشي بشكل هائل كان من المفترض أن يكون ذلك مبررا كارتفاع سعر الأعلاف مثلا، ثم تهبط بعد تدخل الدولة واستيراد أعلاف بأسعار زهيدة جدا، لكن هذا ليس واقعا مع بالغ الأسف.



وقد امتد ذلك فتجاوز أسعار السلع حتى وصل للخدمات؛ فأسعار الطبخ ارتفعت بسبب ارتفاع أسعار الأرز، وكان يفترض أن تنخفض بعد هبوطها، لكن الواقع لا يشير لذلك إطلاقا.



وفي المقابل تشهد أسواقنا ما يسمى بحرب أسعار الدجاج، فانحدرت بشكل كبير جدا، ولكن أسعار بيعها في المطاعم ثابتة لا تتحرك، مما كان له أكبر الأثر في رسم علامات التعجب وقد بدت آثار الاندهاش على المستهلك المسكين.



ونطالع بين الفينة والأخرى خطابات على استحياء من بعض رؤساء البلديات تشير إلى تحديد بعض أسعار الوجبات في المطاعم خصوصا، وقد أكد لي من أثق فيهم مصداقيتها، وهي تشير وبشكل قاطع إلى غياب دور الجهة المسؤولة عن التحديد.



وتبقى الأمانات في منأى عن واقعنا، في حين تتحرك البلديات، في مفارقة عجيبة وسلوكيات ربما تكون مريبة، فالتدخل ينبغي أن يكون من جميع الجهات المعنية، ومصلحة المواطن يفترض أن تكون من الأولويات ولا مساومة عليها.



ويبدو أن وزارة التجارة لا تريد التدخل في هذا الجانب، بحجة حرية الاقتصاد وهي أسطوانة مشروخة مل منها المستهلك وباتت تقض مضجعه.



وهكذا يسير الوضع، ليكون في غاية السوء، فوضى عارمة في الأسعار تعيشها أسواقنا، وكل يعبث بها، ويحددها بمزاجيته، وقد صدق المثل العربي القائل «من أمن العقوبة أساء الأدب».



ويستمر المشهد موغلا في إيلامه وعلى مدى لياليه وأيامه، وكل جهة ترمي باللوم على الأخرى، ويبقى المستهلك هو الحلقة الأضعف، يصطلي بلهيب الأسعار، يسيطر عليها التجار، بجشع رهيب، في ظل غياب عجيب!



إن المرجو أن تتحرك الجهات المعنية لردع هؤلاء الذين يعبثون، وبالأسعار يتحكمون، فلا للضمير يحتكمون، ولا يحاكمون، فإلى متى؟



[email protected]