منى سالم باخشوين

لماذا يزعجني ويزعجك؟

السبت - 20 أغسطس 2016

Sat - 20 Aug 2016

كتبت في «مكة» منذ أكثر من عام مضى عن إحصائية مثبَتة تفيد بأن معدل التدخين يزيد لدى العامة عندما يزيد ذلك في المشاهد التمثيلية في الأفلام من قبل الممثل المدخن وينقص بالطبع إذا ما نقص مقدار ما يدخنه الممثل على الشاشة.



تلفت نظري كمية التدخين «المهولة» التي يستهلكها الممثل في المسلسلات السورية وربما المصرية في الدرجة التي تلي السورية. لا أفهم إن كان لذلك دخل في الحبكة الدرامية أم ما هو الموضوع بالضبط؟!

ويكثر القتل في المسلسلات التركية والأفلام الأمريكية وكأن ذلك مسابقة في مهرجان مسل يفوز فيه من يقتل أكثر.



وما يزعجني جدا كذلك - ولا أدري إن كنت توافقني عزيزي القارئ - كمية الماء المهدر في المسلسلات والأفلام شرقا وغربا بدون داع. يقف الممثل صباحا ليغسل وجهه أو أسنانه أو ليحلق ذقنه أثناء مشهد ما فيفتح حنفية الماء ويتركها كذلك إلى أن ينتهي مما يفعله وبدون أن يكون هناك احتياج ليترك الماء يجري حتى ينتهي من الحلاقة أو غسل الأسنان. وأحيانا يفتح الحنفية وتخطر في باله فكرة ويحدث نفسه بها- طبعا نحن نسمع صوت نفسه هذا على اعتبار أننا نسمع أفكار الممثل أثناء التمثيل- فيترك الماء يجري من الحنفية وقتا طويلا حتى ينتهي من أفكاره تلك التي فاجأته في الحمام. أو يتذكر فعل شيء ما فيخرج من الحمام مسرعا ويترك الحنفية مفتوحة.



أفقد كل تركيزي في القصة والأحداث وأشعر بهذا الانزعاج الشديد من المؤلف والمخرج والممثل وحتى حامل الكاميرا الذي لم يتدخل ليوقف هدر الماء.. قد يبدو تفكيري هذا سخيفا ولكني أشعر بانزعاج من هذه التصرفات التي لا داعي لها والتي تعلم البعض منا عادات سيئة وتترك انطباعا سلبيا.



ولو أن المخرج والمؤلف والممثل استعاضوا عن ذلك بفكرة لا يبدو فيها إسراف في ماء ولا تدخين ولا قتل لكان في ذلك ما يريحني من الانزعاج الذي يقلقني ويعكر متابعتي للأحداث. وقد تقول وما يهم المخرج أو من معه بماذا تشعرين؟ نعم, معك حق عزيزي القارئ ولكني لا زلت منزعجة جدا وإذا لم يعجبني ذلك الذي يحدث فعلي أن لا أتابع هذه الأعمال. جدا معك حق. ولكنه عقلي العنيد الذي لا يريد أن أروضه مهما حاولت.



وفي المقابل أنظر إلى ممثل وممثلة من هوليوود لهما ثقلهما في هذه الصناعة وأسمع تصريحاتهما في العلن عن رفضهما لأي ممارسات عنصرية أو ظلم وتجن على أي فئة أو شعب, فأشعر بانزعاجي ذلك يقل ويخفت ويحل محله شعور إيجابي. وأجد ممثلة من هناك تعطي بلا حدود من جهدها ووقتها ومالها لأجل قضية حق تؤمن بها ولا تنتظر كلمة من أحد بل ولا تحفل بما يقوله مجتمعها أو سواه, وأقارن بينها وبين مذيعة من «عندنا» تتاجر بالألماس وتحقن جسدها بكل «معدِل» لآثار الزمن ولا تشعر إلا بنفسها ومنظرها وأقول: اختلاف حضارات لا أكثر!

[email protected]