عبدالله محمد الشهراني

رحلة إلى القمة بطائرتين مستأجرتين

الجمعة - 12 أغسطس 2016

Fri - 12 Aug 2016

بدأت القصة في يوم 25 أكتوبر 1985 عندما طلب الكابتن فاضل غاني الإذن بالإقلاع من برج المراقبة في مطار دبي، معلنا عن تحليق أول رحلة لشركة طيران الإمارات EK006 والمتجهة إلى مدينة كراتشي، بإحدى الطائرتين المستأجرتين من الطيران الباكستاني.



تم إنشاء الشركة وانطلقت عمليات التشغيل برأس مال يقدر بـ10 ملايين دولار طلبه «السير موريس فلانجان» أول رئيس لشركة طيران الإمارات، وقام الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بتسليم الشيك له شخصيا.



اليوم.. تحولت تينك الطائرتين المستأجرتين إلى 252 طائرة مملوكة، ورقم مماثل آخر تحت التصنيع يقدر بـ247 طائرة. وأصبحت تلك الملايين العشرة تدر أرباحا سنوية تقدر بـ1.9 مليار دولار (7.1 مليارات ريال). وفي نهاية عام 2015 سافر على متن طائراتها 51.9 مليون مسافر، وتستهدف 70 مليون مسافر بنهاية عام 2020. أما عن وجهاتها فقد تضخمت من عدد لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة إلى 154 وجهة في 81 دولة.



تمتلك شركة طيران الإمارات حاليا أكبر أسطول لطائرات ايرباص A380 في العالم، 82 منها في الخدمة و60 تحت التصنيع، وكذلك أكبر أسطول لطائرات بوينج 777 في العالم، 156 منها في الخدمة و186 تحت التصنيع. أسطول في غاية الضخامة يدار بأيد محترفة (80 ألف موظف) يتحدثون 120 لغة.



كل تلك الأرقام انعكست على قيمة العلامة التجارية للشركة والتي وصلت إلى 7.7 مليارات دولار، من خلال استراتيجية ذكية جعلت شعار الشركة متواجدا ومعروفا لدى أغلب الشعوب في العالم، حيث نجده بارزا على أطقم لاعبي الفرق الكبيرة (ريال مدريد الإسباني، أيه سي ميلان الإيطالي، باريس سان جيرمان الفرنسي، هامبورج الألماني، أرسنال الإنجليزي)، والفرق الأخرى في التنس وغيرها من الرياضات. إضافة إلى المرافق الرياضية، ويأتي من أبرزها استاد الإمارات في لندن. ولا ننسى الفرصة الثمينة التي حصلت عليها الشركة، حينما قدم طاقم طيران الإمارات كأس العالم لمنتخب ألمانيا.



حاليا.. تحصد طيران الإمارات نتائج تلك النجاحات، فها هي وللمرة الرابعة تفوز بالمركز الأول على جميع شركات الطيران في العالم في تصنيف سكاي تراكس، والمركز الثالث بالنسبة للشحن الجوي في تصنيف أياتا، والمركز الأول بالنسبة للعلامة التجارية بين شركات الطيران في العالم، وآخرها المركز الأول لجائزة استراتيجية الشبكة والمقدمة من مجلة فلايت ايرلاين بيزنس والتي تهتم بأخبار وتحليلات صناعة النقل الجوي، وهي جائزة تعد معيارا لتقييم الرواد الذين يرتقون بمستوى الجودة في القيادة والتفكير الاستراتيجي والابتكار.



ومن وجهة نظر شخصية، يمكننا معرفة سر نجاح طيران الإمارات من خلال الأسباب التالية:



1 الرؤية الموحدة.. حيث ترتبط رؤية الشركة برؤية إمارة دبي ارتباطا وثيقا، فلا غرابة أن تحقق الشركة هذه الأرقام القياسية وهي في إمارة دبي، دبي صاحبة الأرقام الأولى بلا منافس، في البناء والسرعة والثقافة والسياحة.. إلخ.



2 المخاطرة والتحدي.. هي السمة النادرة في مجال الطيران، إذ كيف تقوم شركة بشراء عدد كبير جدا لطائرات جديدة النوع لم تدخل الخدمة بعد، فضلا عن عدم تجربتها من قبل الشركة المصنعة أصلا، وأقصد هنا الطائرة A380 والطائرة B777 من نوع إكس.



3 مطار دبي.. لا شك أن أداء هيئة الطيران المدني في إمارة دبي كان سببا في نجاح طيران الإمارات، حيث سهلت البنية التحتية للمطار تسيير رحلات الشركة من الشرق إلى الغرب والعكس خدمة لركاب الترانزيت، من صالات وإدارة جوازات ودائرة الهجرة إلى فنادق وكاونترات مساعدة وتوجيهية، إضافة إلى المرونة في التوسع بالتوازي مع نمو الشركة وزيادة عدد مسافريها.



4 الابتكار وصناعة المستقبل.. طيران الإمارات لا ينافس بل يبتكر منتجا فريدا يصنع به مستقبلا جديدا في مجال الطيران، تجبر به بقية شركات الطيران على تقليده، فتكون لها الريادة وتترك المنافسة للبقية.



طيران الإمارات.. قصة ريادة ونجاح ملهمة يمكن الاستفادة منها في جميع الشركات وخصوصا تلك التي لها علاقة بمجال الطيران. وللوصول لمثل هذا النجاح يتطلب الأمر وجود رؤية لها ارتباط وثيق برؤية أكبر تمثل طموح الدولة ومستقبلها، رؤية واضحة وجريئة، لا تنظر إلى الماضي وتبني عليه بل تبتكر منتجات فريدة لتصنع مستقبلا جديدا في صناعة النقل الجوي، رؤية تندرج تحتها خطط استراتيجية شجاعة لا تخشى المخاطرة ولا تقاوم التغيير، رؤية من أهدافها الرئيسية الاهتمام بالموظف لتغرس فيه الشعور بالولاء الذي يجعله يقدم خدمة ذات جودة عالية للعميل.