سهام الطويري

تمزق الفكر في اليمن: اليمن التكنوقراطي

السبت - 06 أغسطس 2016

Sat - 06 Aug 2016

تتجلى مشكلة ديمومة النظام الانقلابي على السلطة الشرعية واستمرارية الصراع في اليمن في مسألة خلق وهمي لوجود تعدد الآراء وصراعها وتفاعلها، ثم محاولة التقليل من أهميتها باستخدام القوة للقضاء عليها خطابيا وقمعيا والتشكيك في ولائها الوطني وعمولتها لـ«السعودية» التي تربطها علاقات بأمريكا التي ترتبط بعلاقات مع إسرائيل!



هذه الحالة من الفوضى التي خلقها نظام الشاويش لعقود في داخل المجتمع اليمني من خلال التحزيب وتجييش النفوس ضد العدو الوهمي الذي يسبب لهم الفقر والتخلف عن بقية دول العالم، أدى إلى الغياب الحقيقي لفهم الديموقراطية وأدى إلى العقم الفكري وتمزقه، وهو ما خلق واقعا يمنيا متشرذما ساعد على نشوء تيارات أكثر تخلفا تسعى حاليا لاسترتال المزيد من أبناء اليمن للدخول في مدارس الفقه الحوثي كأمل واعد ينتشلهم من الفقر ويوفر لهم الوظائف العسكرية التي قد تسد رمقهم ولو لأشهر.



والسؤال إلى متى والمنضمون في صفوف الميليشيات الانقلابية يبادرون في الانقياد الأعمى نحو المصير المجهول؟ هل هناك مصالح شخصية سيجنيها أولئك المقاتلون يمكن لها أن تؤمن لهم تحقيق أحلامهم في الغنى المادي والاستقرار النفسي؟ هل يعي أولئك أنهم ليسوا إلا مواد محترقة تسعى لتحقيق رضا غرور لحظي للانقلابيين؟ هل سينهض اليمن بهذا الانضمام؟



تبدأ أول خطوة تصحيحية للمجتمع اليمني من قبل أبنائه أنفسهم في ظل وجود الانفجار الضخم في وسائل التواصل الاجتماعي ونقل كم المعلومات عبر الشبكات العنكبوتية. تجفيف المنابع البشرية التي تضخ كمواد محترقة للانقلابيين على هيئة مقاتلين أحد أهم أسباب تعجيل بادرة شفاء اليمن. كما أن خذلان المثقف اليمني سبب أكبر في تمزق الفكر اليمني، لأن هذا التمزيق أتاح الفرصة لغيره من صناع القرار السياسي أن يحولوا المثقفين إلى مجرد أدوات في يد السلطة لا صناع قرار من أجل نهضة اليمن.



نهوض اليمن في هذه المرحلة يعتمد على تصدي أبناء الشعب اليمني لصناع الخلافات السياسية والفكرية بالمزيد من الإقناع والاقتناع العلمي بعيدا عن شعارات المرتزقة التي تبث الأحقاد والسموم في صدور أبناء اليمن منذ ثلاثين عاما بلا جدوى ولا فائدة ملموسة، ولأن هذا هو السبيل الأوحد لاستعادة الكيان الفكري للشخصية اليمنية المتعلقة بأفراد المجتمع والدولة الوطن.



لم يكن اليمن ليكون يوما دولة رجعية طال زمان الجهل والفقر فيها وهي تجاور دول الخليج وتتميز بمخزونها الهائل من الطاقات البشرية والثروات الحيوانية والزراعية وموقعها الجغرافي المهم، الذي كان لوحده سيدخل على الاقتصاد اليمني دخلا يقفز بها في الرقي لتضاهي أرقى دول أوروبا الصناعية لو أن السلطة اليمنية أكثر تحضرا وتكنوقراطية وحبا للوطن.



اليمن ليست أقل من جاراتها الدول النفطية في صناعة الثراء. ولكنها تنتظر أن يقف بها شبابها.