سيلفي المفتري والمفـترى عليه!

تفاعل
تفاعل

الأربعاء - 03 أغسطس 2016

Wed - 03 Aug 2016

مسلسل سيلفي 2 عرض في شهر رمضان واختلف المجتمع حول أفكاره وطرحه، فمنهم من يرى أنه أهمل بعض الظواهر السلبية في المجتمع، وأنه انحاز لجهة وبالغ في طرح قضايا فكرية، وأهمل القضايا الوطنية المهمة، وانتقى الطرح المتحيز إلى فئة ضد فئة. ومهما كان الاختلاف فإنه يبقى عملا جيدا وجريئا.



لكنه - مثلا - لم يناقش تضحيات جنودنا في الحد الجنوبي منذ أكثر من عام، ولم يطرح إرهاب دواعش الشيعة المتطرفين في العراق وسوريا والعوامية واليمن مثل طرحة لإرهاب دواعش السنة، ولم يناقش التغرير التقني والوعظي بالشباب، ولم يطرح معضلة الإسكان المخترق والمتذبذب، ولم يطرح هموم الناس الحقيقية مثل الغلاء ووباء كورونا وغيرها.



سيلفي طرح مواضيع حساسة لكن العدالة الفنية لدى القائمين عليه لم تكن منصفة عندما مالت كثيرا في نقد مذهب وأهله بشكل مبالغ فيه وصور أهل السنة قاطبة بأنهم أشرار وترك المذاهب الأخرى رغم تطرفها وشرها، تميز سيلفي بطرحه للقضايا الفكرية مثل الإرهاب والتعايش بين المذاهب والفنتازيقيا للقرن القادم والجوع وقتل الأقارب وقضايا اجتماعية أخرى.. وكل ذلك حسن، لكنه أهمل مبدأ أن الفن هو الانتقاء الجميل والجيد وليس طرح كل شيء بتجن واضح، الفن رسالة وأمانة وتنوير وعدل والصورة والصورة المقابلة والرأي والرأي الآخر، وكل مجتمع فيه أخيار وأشرار، وفيه سلبيات وإيجابيات تزيد وتنقص. اختلف المجتمع كثيرا حول ما طرحه سيلفي كل حسب قناعاته وميوله فيه الكدر وفيه المتعة وفيه المعالجة؛ صحيح أن الحوار في بعض الحلقات لم يرق كثيرا للفكرة الجيدة؛ بل بعض الحوارات كانت قوالب جاهزة مرتجلة من الممثلين، والمبالغة في بعض الأفكار وتضخيمها جعل العمل فيه تكلف بعيدا عن الواقعية والبساطة الفنية.



لم يطرح شيوخ الفتنة من كل المذاهب وما لهم من دور سلبي في إغواء الشباب والزج بهم في المهالك؛ بل اعتمد على أفكار وكتاب مبتدئين ليس لهم خبرة في كتابة السيناريو المحكم فظهرت أكثر الحلقات سطحية المعالجة الدرامية نظرا لغياب التخصص في جامعاتنا وورش التدريب لفن كتابة السيناريو وهو نداء للمسؤولين عن التعليم بأن يضيفوا هذا التخصص الهام في مناهجنا الدراسية، حتى نجد جيلا يتقن فن السيناريو للدراما والمسرح، كثير من الأفكار تحتاج إلى أن تطرح دراميا ومسرحيا، لم تجد من يحولها إلى أعمال فنية.



الفن كما نعرف رسالة وثقافة وعلم وليست اجتهادات فنية من أجل الضحك والإمتاع والربح المادي فقط؛ بل هو وعي مجتمعي مكتسب من ثقافة الصوت والصورة والحوار والحركة، ولا بد لكل عمل من سلبيات ونقاط ضعف، ويبقى سيلفي متميزا لو أنه طرح كل الأفكار بشفافية وواقعية وعدالة، ينتقد الجميع في قالب درامي وكوميدي واحد، خاصة ونحن نعلم الدعم الذي يجده إعلاميا وماليا.



ويبقى التطرف والجنوح للعنف وتمجيد القبيلة.. من الظواهر التي يجب على الفن طرحها ومعالجتها فنيا، وسيلفي عليه دور في ذلك وواجبه طرح رسالة الدين الخالدة التي تدعو للسلام والتعايش ونبذ العنف وحفظ كرامة الإنسان أيا كانت ديانته ومذهبه.



ولعل الجزء الثالث من سيلفي يكون أكثر عدلا وإنصافا وتعايشا، يقول مورغان فيرمان: لا يوجد دين سيئ، بل يوجد أناس سيئون.