عبدالرزاق سعيد حسنين

كلنا.. حماة الوطن

مكيون
مكيون

الاحد - 10 يوليو 2016

Sun - 10 Jul 2016

مما لا شك فيه أن حب الوطن واجب يمليه علينا ديننا الحنيف، بل لزم علينا الحث على الانتماء إليه، وما يعنيه ذلك من الطاعة في الله لولاة الأمر والبيعة في السلم والحرب وعدم الخروج عن ذلك المسار، إيمانا منا بأننا شركاء في هذا الوطن الكبير وله علينا حقوق واجبة، بدءا من البيت الذي يعد المؤسسة الاجتماعية الأولى بل التربة الخصبة لنماء أفراد المجتمع بفئاتهم المتعددة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من مولود إلا يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه، وينصرانه، ويمجسانه، كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء).

والملاحظ في زماننا أن بعض الآباء مغلوب على أمره في تربية فلذات أكبادهم، الذين يعيشون ثورة وحمم براكين التقنية بحديها السيئ والمفيد، بعده يأتي دور التعليم العام والجامعي وما يتعاطاه الدارسون من فكر تحويه مناهج التعليم والمعلم، الذي نحسبه مربيا يغرس الفضيلة في نفوس فلذات أكبادنا ويربيهم على الخلق السوي، المبني على الوسطية والاعتدال في كل شؤون الحياة، وقد يكون هو أيضا مغلوب على أمره لما يتابعه من أخبار تطالعنا بها الصحف لتعديات متهورة من بعض الدارسين يجني عواقبها المعلمون، بما يلزمنا ومن وجهة نظري كتربوي سابق، إعادة النظر بحزم في آلية عقوبات وجزاءات المخالفين لأنظمة التعليم، لتعود للمدارس هيبتها، بلا ضرر أو إضرار، ولا نغفل دور الشارع أو البيئة المحيطة، وما يكتسبه فلذات أكبادنا من عادات قد تشوبها بعض الأفكار الهدامة، عبر صداقات بعضها منحرفة أخلاقيا، بما يؤكد مقولة: (الصاحب ساحب)، (قل: لي من تصاحب أقل: لك من أنت)، وبما يذكرنا بالحديث الشريف عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام (إنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك، ونافخ الكير فحامل المسك: إما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحا طيبة، ونافخ الكير: إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحا خبيثة) متفق عليه، لا سيما وما نعاصره من قوة التأثير الفاعلة للصداقات، وفيها بكل أسف من ذوات الجنس اللطيف، اللاتي تميل لهن الأنفس لما لهن من تأثير وفتنة.

ولا ننسى دور الإعلام وتأثيره الفاعل في المجتمع بجميع فئاته العمرية، وقد يكون الشباب لقمة سائغة، بل مادة سهلة لغزو أفكارهم، بما يجرفهم نحو المجهول بتلك المسلسلات، وفي مجملها حكايات العشق والغزل وما يحث على الثأر والقتل، مسلسلات أصبحت وأمست في متناول الجميع نظرا لتعدد القنوات الفضائية ورخص ثمنها، وما ينتج عنها من انحلال أخلاقي يضرب أكبر شريحة في المجتمع، إنهم الشباب الذين يتأمل فيهم الوطن عتاد الحاضر والمستقبل المشرق بمشيئة الله، إذ لا بد من تكاتف الجهود وتلاحم جميع فئات المجتمع للحفاظ عليهم من الانحرافات الفكرية، التي تكاد تغزو بيوتنا والعياذ بالله، حتى أوشكنا نعيش الزمن الذي حذرنا منه في الحديث، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (يأتي على الناس زمان القابض على دينه كالقابض على الجمر) رواه الترمذي، وللإنصاف أقول إنه قد يصعب على الجهة المسؤولة عن الإعلام مراقبة كل ما يبث عبر الفضاء المفتوح، ولكننا نتعشم فيهم الحزم وبذل الجهد في تفعيل دور مقص الرقيب، وفرض الغرامات على تلك القنوات التي تحيد عن الطريق السوي، بما لا يعفي الأسرة من دورها في حسن تربية أفرادها بغرس الفضيلة ومخافة الله في السر والعلن، ومما لا شك فيه أننا مستهدفون من طوائف حاقدة، تضمر في أحشائها الضغينة والحقد والبغضاء لتمسكنا بالدين الإسلامي الحنيف، ولما أنعم الله سبحانه على المملكة العربية السعودية من خيرات وثروات، ولتلاحمنا وتماسكنا الذي يسطره التأريخ حول قيادتنا، ولما تحويه من المقدسات الطاهرة، التي يفد إليها جميع المسلمين في مواسم الخير على مدار العام، وللمسجد دوره البارز في زرع الوازع الديني المعتدل لأفراد المجتمع، بما يدعونا إلى الحرص على حسن اختيار الأئمة والخطباء، بل الحرص على إعطائهم دورات تثقيفية تعينهم في اختيار المادة العلمية والثقافية لخطب الجمعة، التي ألمس في بعضها التكرار والبعد عن الواقع الذي نعيشه والأحداث المعاصرة، وهنا يأتي دور الجهات المعنية في شؤون المساجد، والحاجة ماسة إلى الرقابة الميدانية الفاعلة، لمتابعة ما يلقى من أحاديث الخطب، وعدم السماح لإبدال الأئمة بغيرهم دون إذن أو ترخيص مسبق، وفي ذلك تحديد للمسؤولية، وليس ختاما أسأل الله تعالى أن يحفظ رجال الأمن البواسل في جميع قطاعات الدولة، الذين يسطرون روح الفداء لحماية الوطن ومقدساته ومن سار على ترابه الطاهر، بارك الله تعالى في وطننا حكومة وشعبا، وحفظنا من كل مكروه وبلاد المسلمين عامة، اللهم آمين..