فايع آل مشيرة عسيري

حارة الشيخ!

السبت - 18 يونيو 2016

Sat - 18 Jun 2016

أخذتني رحلة جميلة مع أسرتي لمهرجان «سور جدة» الواقعة في منطقة جدة التاريخية.. فكرة رائعة ورائدة تلك التي تقوم بها أمانة جدة مع الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني لإحياء التراث الحجازي وتوثيق أهل الحارات الحجازية من عمد وشيوخ ومثقفين وشعراء وكتاب وأصحاب البيوت ونساء شاركوا في صناعة هوية المكان وأصحاب المهن والحرف وأسماء الأسواق وأسباب تلك المسميات، والكثير من العادات والتقاليد وألوان عديدة من الألوان الشعبية الحجازية وأولها فن المجس الذي يستقبل به الزائرون .. بانوراما متنوعة لحضارات حجازية خالدة في جنبات الحارات الحجازية من المركاز للفوال والسقاية لأصوات البائعين والمشترين.. وبائع السوبيا والبليلة.. وألعاب الأطفال التقليدية.. والكركون والكتاب.. والفن المعماري الحجازي الذي يبهر كل الناظرين لهذه الحضارات التاريخية.

يأخذك الإبحار والفكر ثانية في تلك الشخصيات التي تبهرك بزيها وأقمشتها ولهجتها الرائعة وتسامح المجتمع الحجازي وعلاقتها الوثيقة بالبحر رحلة توافقية مع مسلسل «حارة الشيخ» الذي يعرض يوميا على شاشة الـ»MBC «هذا المسلسل الذي أراه باكورة عمل درامي وطني يمثل ثقافة وهوية جزء مهم من وطني بعدما ظلت الحارات الشامية والدراما المستوردة مسيطرة على أفكار وأحاديث مجتمعنا السعودي الذي يزخر ويكتنز الكثير من الحضارات التاريخية الشاهدة على عصور موغلة في القدم الإنساني والمكاني ولكن دون محاولة البحث والتقصي لهذا الإرث التاريخي الجغرافي الكبير.

ولعل وزارة الثقافة والإعلام وجمعيات الفنون والثقافة هي من يوجه لها السؤال هنا.. مسلسل «حارة الشيخ» أعاد إلينا وجهنا الدرامي رغم الكثير من الانتقادات التي طالت المسلسل قبل وأثناء حلقات العرض الرمضاني.. هذا المسلسل لم يأت ليكون توثيقا تاريخيا بقدر ما كان يقدم جانبا قصصيا فريدا لمرحلة كانت في منطقة الحجاز أواخر العهد العثماني دون التركيز على الجانب التاريخي، وإنما التركيز على الجانب الجمالي وأنت تعيش الأماكن والشخصيات ودهاليز الحارات الحجازية واللهجة اللذيذة، وجدة بكل تفاصيلها الفنية والفن المعماري ومسميات الحارات وأسماء الأشخاص وصراعات الأحداث والشخوص والخلفيات الموسيقية الأصيلة لكل المشاهد التي تمنحك رؤية فنية أخرى كي تعيش اللحظة بكل تفاصيلها..

في حارات جدة تتنوع الشخصيات بتنوع الأمكنة دون إحداث خلل في منظومة «حارة الشيخ» الذي منحنا فرصة المزج بين الواقع والخيال.. فكيف ظل مشكل الحارة المعلم «درويش» مسيطرا على كل الحارة؟!

وهل من متمرد يحمل شعلة الأمل بعدما سقط مشكل الحارة القديم العم «قيس» والجديد «الدبش» تحت شون المعلم «درويش»..؟!

ومضة:

مسلسل «حارة الشيخ» أحدث حراكا ثقافيا كبيرا بين الفن والتاريخ والجغرافيا وهذا دليل نجاحه الكبير.