سياسة الجناح اليميني ومشكلة العنصرية في أوروبا

الثلاثاء - 23 فبراير 2016

Tue - 23 Feb 2016

لقد أظهر فوز التيار القومي في الانتخابات الفرنسية العام الماضي قوة الاتجاهات العنصرية المتعاظمة في أوروبا، فلقد كان لمجموعة من الأفكار أثر في تنامي العنصرية والخوف من الإسلام، بشكل خاص، داخل أوروبا ومما دل على ذلك ردة الفعل إزاء تدفق اللاجئين، والتي خدمت أغراض بعض الجماعات السياسية.

ولم تقتصر هذه الحالة على فرنسا وحسب، فإنه ووفقا لاستطلاعات رأي أجراها مركز باو للأبحاث في بلدان أوروبية في نوفمبر 2015، فإن الكراهية للأقليات بدت واضحة إزاء الرومانيين والمسلمين واليهود. وتصدرت دول أوروبية يحكمها اليمين أعلى نسب الكراهية تلك، ومن بينها اليونان، إيطاليا وبولندا، والأكثر من ذلك أن سياسيين ينتمون إلى هذا التيار السياسي يتحدثون بلهجة عدائية، فعلى سبيل المثال، صرح عضو البرلمان الدنماركي عن حزب الشعب «دعونا نقصف النساء والأطفال حيث تتواجد داعش، وكونوا واضحين جدا».

وكان مواطن ألماني قد ادعى في حديث له لشبكة أخبار السبوتنيك أن الشرطة الألمانية تتهاون مع المسيرات العنصرية ولا تتخذ موقفا متشددا إزاء الأجانب، «في العادة لا يدع أي ضابط شرطة أي مسيرة تمر مرور الكرام حتى لو تألفت من 20 ألف شخص، ولهذا فهو يحشد كل الجهاز الشرطي لمثل هذه المسيرة، ولكن مثل هذا الحشد لا يتم في حركات ومسيرات عنصرية أو يمينية متطرفة، فهؤلاء الناس ينظمون مسيرات تذكرنا بتلك التي كانت تنظم قبل الحرب العالمية الثانية من قبل النازيين، ففي مثل هذه المسيرات لا تفعل الشرطة شيئا سوى مراقبة تلك التظاهرات غير القانونية، إن معسكرات المهاجرين يتم إحراقها وإن هذه الجرائم تتصاعد يوما بعد يوم».

ويقول أوزان سايهون والذي خدم كعضو برلمان خلال الدورتين البرلمانيتين الرابعة والخامسة للبرلمان الأوروبي، إن الإجحاف بحق المسلمين واللاجئين قد أدى إلى ملء أكثر من 100 مقعد في البرلمان بسياسيين عنصريين ومناوئين للإسلام. ويضيف سايهون أيضا أن الإجحاف هذا لا يؤذي المسلمين فقط بل اللاجئين أيضا وكذلك ديمقراطية الاتحاد الأوروبي نفسه.

إن حالة العداء المتزايدة ضد الأجانب واللاجئين - وخصوصا المسلمين منهم - قد أصبحت عاملا للانقسام داخل المجتمعات الأوروبية، فمعظم الناس في البلدان الأوروبية غير راضين أو سعيدين، وقد فقدوا الإحساس بالترابط والتكافل إلى حد بعيد.

وعلاوة على ذلك، يجب ألا ننسى أن أي خطاب كراهية يعطي أسبابا للكراهية لكل الساعين إلى العنف، يجب ألا ينسي كل المناصرين للخطاب العنصري في أوروبا أن خطاب الكراهية هذا سوف يستدعي الإرهاب، ولن يساعد في كبحه.

إن الخطاب الوحشي يعتبر بمثابة الغذاء لفلسفة الإرهابيين، ولسوف يقود إلى مزيد من الإرهاب، وسوف يحرض كذلك على العنف، وأنه من الواضح أن مثل هذا الاتجاه لن يجلب أبدا أي سلام أو سعادة، بل على العكس سوف يحقق الخوف ومزيدا من الغضب، ونتيجة لهذه الأعمال فإن الأقليات المسالمة يمكن أيضا أن تزداد غضبا وربما تشتعل، فمن المعروف تماما أن المزاج الجمعي يمكن له أن يؤدي وبشكل خطير إلى إيجاد مناخ يصبح فيه الناس عنيفين، لذا فإن السياسة القائمة على الاستفزاز لهي سياسة خطيرة جدا.

لا أحد يرغب في أن تظل أوروبا تواجه هذا الوضع المرعب، وأنه ولهذا السبب من الضروري جدا أن يتخذ الساسة والشعوب الأوروبيون أنفسهم قرارات للحيلولة دون وقوع الإرهاب، يجب عليهم جميعا أن يدركوا بأنه لا يمكن القضاء على الإرهاب بالعداء تجاه المسلمين والأجانب، بل بالعكس سيخلق هذا الاتجاه سخطا لدى أوساط المسلمين والأجانب في البلاد، وسيؤدي إلى عدم ارتياح كبير في المجتمع.

إن أي كره يعبر عنه حزب أو طرف ما، سوف يخبو إن لم يرد الطرف الآخر عليه، إن الأوروبيين الذين ظلوا روادا للحضارة لسنوات، قد حققوا ذلك عبر التاريخ، لا بد عليهم أن يتبنوا مثل هذا الاتجاه عندما يتعلق الأمر بالإرهاب، لذا لا بد من الحيلولة دون تصاعد وتيرة الكره قبل فوات الأوان.