عبدالغني القش

رمضان.. هل نترقبه مختلفا ومغايرا؟!

الجمعة - 18 مايو 2018

Fri - 18 May 2018

من المتيقن عند كل مسلم أن رمضان شهر المغفرة والرضوان، وفيه يصفد المارد من الجان، ويخسأ الشيطان فلا يصل إلى الذي قبله كان.

وقد حط رحاله بعد أن هل هلاله يوم أمس الأول الخميس، وبهذه المناسبة يطيب لي تهنئة الجميع قيادة وشعبا بحلوله سائلا المولى لهم الإعانة والقبول.

وقد بحت الأصوات، وكلت الأيادي، وجفت الأقلام، ونفد المداد، من نقد ما يجري في رمضان، والمطالبة بالتغيير، ففي كل عام يمر رمضان رتيبا، بكل ما فيه، خاصة الأمور السلبية والتي تحتاج لتغيير!

نترقب رمضان مغايرا في أسواقنا؛ فلا استغلال لاسمه ولا لرسمه، فالمفترض ألا يرفع التاجر ثمن سلعته استغلالا لحاجة الناس إليها وبلا مبرر سوى الجشع ومحاولة الاستحواذ على أكبر قدر من الربحية والتفكير المادي المقيت، ناسيا أو متناسيا ما يوجبه هذا الشرع المطهر من السماحة، وأن من الإيمان الرضا بالقليل، وفي خضم ذلك اللهث الدنيوي تجده لا يكتفي بذلك، بل ويستخدم رمضان كدعاية له في ترويج سلعته وإلصاقها باسم هذا الشهر المبارك، في استباحة فجة لقدسية ومكانة هذا الشهر الكريم!

أما فيما يتعلق بمساجدنا فإن المفترض توحيد عدد ركعات التراويح بحيث تكون إحدى عشرة ركعة، اتباعا للسنة وعدم ترك الأمور للرغبات، وقد سبق لهذه الزاوية المطالبة بهذا في مقال بعنوان تباريح في صلاة التراويح، والواقع يشهد بأن الحاجة للتغيير في هذا المظهر الرمضاني باتت ملحة؛ فالسنة تتحقق بلا مشقة على الناس، والدين دين يسر.

وكذلك الحال فيما يتعلق بالروحانيات وصلة الأرحام والتخلي قليلا عن الانشغال ببرامج الجوال ومواقع التواصل الاجتماعية؛ فالفرصة يجب اغتنامها وعدم تفويتها، والانشغال بالطاعات والزهد في المباحات هو ديدن الحصيف، إذ هو لا يعلم أيدركه رمضان آخر أم لا.

نريد رمضان مختلفا في عاداتنا الاجتماعية؛ فالشهر شهر صيام، فكيف يخرج المرء منه وقد ازداد وزنه!

وهذا يعني أننا نعيش عادات غذائية خاطئة تماما، ونظرة واحدة لأسواقنا قبل بضعة أيام تؤكد هذا الواقع المؤلم من الوهلة الأولى.

وكذلك الحال في أنماطنا الحياتية، فتعطيل النهار أمر يدعو للاندهاش، ففي هذا العام سيكون معدل ساعات النهار قرابة 15 ساعة، فهل يعقل تعطيل ثلثي اليوم تقريبا والعيش في ثلثه، ونحن نشاهد دولا إسلامية مجاورة وغير مجاورة تعيش رمضان بلا تعطيل للنهار أبدا، فهل يفعل مجتمعنا ويستيقظ من سباته!

وبالعودة إلى التاريخ، فإن المتأمل يجد أن رمضان هو موئل الأحداث السياسية والتاريخية والعسكرية، ابتداء من نزول الوحي ثم معركة بدر وفتح مكة وغيرها، ليواصل هذا العام هذه المسيرة كرد عملي على من يتهم فيه المسلمين بالكسل والخمول، فرمضان مدرسة للاستلهام وموطن للعمل الدؤوب.

وأخيرا وليس آخرا نريد رمضان مغايرا في إعلامه؛ فترقى البرامج والمشاهد بعامة إلى مستوى قدسية وروحانية هذا الشهر المبارك، وجميع ما يقدم يفترض فيه مراعاة الأيام الفاضلة والليالي المباركة، وألا يكون الهم هو الكم الذي نطالعه من خلال إعلانات الصحف وبرامج التواصل الاجتماعية وغيرها، بل المطلوب هو الانتقاء النوعي لما يعرض، ونقاء ما يقدم للمشاهد وللمستمع وللقارئ، ليشعر الجميع أننا في أيام مختلفة وليال متميزة، والتغيير في هذا الجانب مهم جدا، خاصة في هذه المرحلة الحرجة، بحيث نواكب ما يجري بمهنية عالية، فلا نكون بمنأى عن الأحداث وفي ذات الوقت نشعر من يطالع قنواتنا ومن يستمع لإذاعاتنا والقارئ لصحفنا أننا تميزنا في شهرنا وبتنا نعيش في حالة مغايرة عن الأيام الماضية، فهل يفعل إعلامنا، ويقدم مجتمعنا؟!

[email protected]