عبدالله العولقي

طريق الوهم طهران - بيروت

السبت - 05 مايو 2018

Sat - 05 May 2018

شرع جنرالات الحرس الثوري الإيراني بالتبجح عبر ادعاءات مضللة من أبواقهم الناطقة بالعربية بالترويج الدعائي لاكتمال الهلال الفارسي في الجغرافيا العربية عبر الطريق البري الرابط بين طهران وبغداد ودمشق وبيروت، وبأن الإمبراطورية الفارسية باتت تلامس أمواج البحر المتوسط عبر أبعادها الجغرافية التي أضحت تشرف على بلدان أوروبا!

المضحك أن هناك تباينا عظيما بين الادعاء الضحل لمضمون المادة الإعلامية الملالية وبين ثقافة الوعي المتشكلة لدى جيل الشباب الإيراني المفعم بثقافة تويتر وفيس بوك، والرافض قطعيا للأسطوانة المشروخة حول إخافة الشعب عزفا على وتر الخطر الخارجي، كما أن هذا الجيل يرفض قطعيا شراء وهم الطرق والإمبراطوريات من متاجر العمائم السوداء الخالية من الماء والرغيف وأدنى مقومات العيش!

إن جيل الشباب في إيران اليوم يتابع الفضاء العالمي متيقنا بالسمعة السيئة التي ألصقها الولي الفقيه بدولته المنتهجة سياسة امتهان الإنسانية والتاريخ عبر العبثية واللا إنسانية التي تجريها ضد القرى والأحياء العربية التي وقعت في جحيم سطوته عبر انتهاجه تغيير هوية الجغرافيا مذهبيا وإعادة نمط الديموغرافيا باستزراع العرق الفارسي من خلال سياسة الإحلال في عمق الإنسان العربي، متجاهلا قراءة التاريخ والتراث التي تقول إن القوة العسكرية والعنجهية القومية لا تستطيعان بناء إمبراطورية - حسب ادعائهم - بدون حاضنة شعبية وطنية مقبولة، والتي يفتقدها الملالي حتى في داخل إيران نفسها.

وعلى الرغم من وطأة وهيمنة الملالي على صناعة القرار في بغداد إلا أن عودة العلاقات الدبلوماسية بين الرياض وبغداد أسفرت عن رغبة شعبية عارمة في الداخل العراقي للعودة إلى الحاضنة العربية بعد أن أثقلتها وطأة «الفرسنة» المتعارضة مع طبيعة الفطرة العراقية التي تميل غريزتها نحو العروبة المتأصلة في ثقل التاريخ والتراث.

وفي النطاق السوري لا تزال سوريا رغم كل الفوضى المسيطرة على المشهد السياسي فيها عصية على اكتمال مشروع الهلال الفارسي، فعلى الرغم من السنوات العجاف التي أورثتها الثورة الشعبية ضد النظام الموالي لطهران وكل صفقات البيع والمتاجرة بالدماء السورية بين الصراعات الدولية المتشكلة عبر الحروب الباردة والساخنة التي تجريها تلك القوى داخل الإطار الجغرافي السوري إلا أن مسألة الانتصار التي تتغنى بها الأبواق الإيرانية وأذنابها الإعلامية لا تزال مستحيلة التحقق والمنال، ولعل تلقيها سلسلة من الضربات الموجعة من القوات الأمريكية أسهم في إحراق أوراق الولي الفقيه وكبح جماحه عن التقدم والتغلغل داخل الجغرافيا السورية.

انسحاب الولايات المتحدة من الاتقافية النووية مع إيران الذي بات وشيكا سيعيد طهران للوراء كثيرا، وسيبعثر العديد من أوراقها المتهاوية في مهب الريح، كما أن الداخل الإيراني زمنيا في مرحلة الهدوء الذي يسبق العاصفة، حيث لا تزال بوادر الانفجار الشعبي مسألة وقت نظرا للخناق الاقتصادي المفروض عليه، ولذا فإن كل هذه العوامل ستؤدي إلى تقويض الطريق الموهوم وإنهاء مشروع الملالي البائس.

وبالنسبة لبيروت، فالشعب اللبناني بدأ يضيق ذرعا بما تصنعه الآلة الإيرانية بأبعادها المتفاوتة داخل بلاده في تعطيل وقتل الحركة السياسية في بيروت وتدخلها البائس عبر وكيلها حسن نصر الله الذي أدرك اللبنانيون جميعا وعلى اختلاف انتماءاتهم ومذاهبهم وطوائفهم أنه على استعداد تام لإحراق لبنان وتدميره لو طلب منه أسياده الملالي ذلك، كما أن لبنان رغم صغره إلا أنه غني بطوائف وديانات متعددة ولا يجمعها رابط سوى عقد العروبة والتاريخ المشترك، وذلك يتناقض كليا مع أبجديات الاحتلال الصفوي الذي يسعى إلى «فرسنة» لبنان، وبالتالي فالعامل الزمني والبعد التاريخي فاعلان باتجاه العروبة التي تبدو جلية واضحة في الهوية اللبنانية، والطريق الموهوم سيظل موهوما رغم كل ما تقترفه وتدعيه طهران في البلاد العربية.

[email protected]