سلامة القلب
"انتصف شعبان، وانقضت أيامه ولياليه، ولم يبق منه إلا القليل، ولا يزال بعض الناس ـ هدانا الله وإياهم ـ في مشاحنة ومشاحة، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول "إن الله ليطلع في ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن"، فلم يذكر صلى الله عليه وسلم في الحديث السابق لا صيام ولا قيام، وإنما ذكر أمته بأمر عظيم، عند استقبالهم للشهر الكريم، ألا وهو سلامة الصدر، وتوحيد الرب، وذلك إذا مضى نصف شعبان، فهو إيذان بانتهائه ومجيء ما بعده، فمن جمع في صدره التوحيد وسلامة قلبه، فقد استوجب الرحمة والمغفرة من ربه، فالقلب السليم ـ يا عباد الله ـ هو الذي سلم من كل شبهة تعارض خبر الله، ومن كل شهوة تبعده عن الله. قال ابن القيم رحمه الله "ولا تتم سلامة القلب مطلقا حتى يسلم من خمسة أشياء: من شرك يناقض التوحيد، وبدعة تخالف السنة، وشهوة تخالف الأمر، وغفلة تناقض الذكر، وهوى يناقض التجريد والإخلاص"، فالقلوب السليمة هي التي امتلأت بالتقوى والإيمان؛ ففاضت بالخير والبر والإحسان، وتزين أصحابها بكل خلق جميل، وانطوت سريرتهم على النقاء وحب الخير للآخرين، فلذا أسلم الناس صدورا، وأطهرهم قلوبا، هم الأنبياء والمرسلون، الذين أحبوا الخير لأقوامهم وأممهم، وبذلوا أنفسهم في نصحهم وإرشادهم، وتعليمهم وهدايتهم.
وقد من الله على نبينا صلى الله عليه وسلم بانشراح صدره، وسلامة قلبه، وطهارة نفسه، فقد أوذي صلى الله عليه وسلم أشد ما تكون الأذية في سبيل تبليغ دعوته، ومع هذا كان أسلم الناس صدرا، وأكثرهم عفوا".
ماهر المعيقلي - المسجد الحرام
حقيقة الإيمان
"من بديع جواهر القرآن ونفيس درره، سورة الماعون: "أرأيت الذي يكذب بالدين. فذلك الذي يدع اليتيم. ولا يحض على طعام المسكين. فويل للمصلين. الذين هم عن صلاتهم ساهون. الذين هم يراؤون. ويمنعون الماعون". سورة عظيمة في بنائها بينت الارتباط الوثيق بين العقيدة والسلوك.
إن الذي يكذب بالدين، هو الذي يكذب بثواب الله وعقابه، وبالحساب، ولم يستقر الإيمان باليوم الآخر بقلبه. وسوء الاعتقاد يؤدي إلى فساد الأعمال، وفساد الأعمال دلالة على سوء الاعتقاد. لماذا وصف بأنه يكذب بالدين، لأنه لم يتحرك في حياته على ما يقتضيه الدين، فكأنه أقر بلسانه، وصدق بقلبه، ولكنه لم يحمل نفسه وسلوكه على معنى الدين وقيمه وأخلاقه، وأداء التكاليف الإيمانية، والسير على منهج القرآن. ونعلم جميعا أن الإيمان قول باللسان، وتصديق بالقلب، وعمل بالأركان.
إن ضعف إيمانه بالحساب والجزاء فهو المكذب بالدين، الذي أصابت قلبه القسوة، وجمد وتيبس، ومن صفاته أنه يدع اليتيم، ويهينه ويؤذيه، فهو غير قادر بإيمانه الضعيف أن يحسن حياته وحاله، ويتقي سوء العمل.
ما قيمة الدين إذا لم يظهر أثره في السلوك والأفعال، وما معنى الإيمان إذا لم يقد صاحبه إلى الإحساس بالآخرين ببذل الخير، وفعل المعروف، وإطعام المسكين، بل والحض على إطعام المسكين، وإن هانت المسألة المادية أمام مطلوب الله منك فهذه علامة الإيمان.
إن الإيمان بالبعث والجزاء هو الوازع الحق، الذي يغرس في النفس الإقبال على الأعمال الصالحة، حتى يصير ذلك خلقا إذا نشأت عليه زكت وانساقت إلى الخير بدون كلفة. إن قسوة القلب قد تؤدي إلى الغفلة والتكذيب بالدين".
عبدالباري الثبيتي - المسجد النبوي
"انتصف شعبان، وانقضت أيامه ولياليه، ولم يبق منه إلا القليل، ولا يزال بعض الناس ـ هدانا الله وإياهم ـ في مشاحنة ومشاحة، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول "إن الله ليطلع في ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن"، فلم يذكر صلى الله عليه وسلم في الحديث السابق لا صيام ولا قيام، وإنما ذكر أمته بأمر عظيم، عند استقبالهم للشهر الكريم، ألا وهو سلامة الصدر، وتوحيد الرب، وذلك إذا مضى نصف شعبان، فهو إيذان بانتهائه ومجيء ما بعده، فمن جمع في صدره التوحيد وسلامة قلبه، فقد استوجب الرحمة والمغفرة من ربه، فالقلب السليم ـ يا عباد الله ـ هو الذي سلم من كل شبهة تعارض خبر الله، ومن كل شهوة تبعده عن الله. قال ابن القيم رحمه الله "ولا تتم سلامة القلب مطلقا حتى يسلم من خمسة أشياء: من شرك يناقض التوحيد، وبدعة تخالف السنة، وشهوة تخالف الأمر، وغفلة تناقض الذكر، وهوى يناقض التجريد والإخلاص"، فالقلوب السليمة هي التي امتلأت بالتقوى والإيمان؛ ففاضت بالخير والبر والإحسان، وتزين أصحابها بكل خلق جميل، وانطوت سريرتهم على النقاء وحب الخير للآخرين، فلذا أسلم الناس صدورا، وأطهرهم قلوبا، هم الأنبياء والمرسلون، الذين أحبوا الخير لأقوامهم وأممهم، وبذلوا أنفسهم في نصحهم وإرشادهم، وتعليمهم وهدايتهم.
وقد من الله على نبينا صلى الله عليه وسلم بانشراح صدره، وسلامة قلبه، وطهارة نفسه، فقد أوذي صلى الله عليه وسلم أشد ما تكون الأذية في سبيل تبليغ دعوته، ومع هذا كان أسلم الناس صدرا، وأكثرهم عفوا".
ماهر المعيقلي - المسجد الحرام
حقيقة الإيمان
"من بديع جواهر القرآن ونفيس درره، سورة الماعون: "أرأيت الذي يكذب بالدين. فذلك الذي يدع اليتيم. ولا يحض على طعام المسكين. فويل للمصلين. الذين هم عن صلاتهم ساهون. الذين هم يراؤون. ويمنعون الماعون". سورة عظيمة في بنائها بينت الارتباط الوثيق بين العقيدة والسلوك.
إن الذي يكذب بالدين، هو الذي يكذب بثواب الله وعقابه، وبالحساب، ولم يستقر الإيمان باليوم الآخر بقلبه. وسوء الاعتقاد يؤدي إلى فساد الأعمال، وفساد الأعمال دلالة على سوء الاعتقاد. لماذا وصف بأنه يكذب بالدين، لأنه لم يتحرك في حياته على ما يقتضيه الدين، فكأنه أقر بلسانه، وصدق بقلبه، ولكنه لم يحمل نفسه وسلوكه على معنى الدين وقيمه وأخلاقه، وأداء التكاليف الإيمانية، والسير على منهج القرآن. ونعلم جميعا أن الإيمان قول باللسان، وتصديق بالقلب، وعمل بالأركان.
إن ضعف إيمانه بالحساب والجزاء فهو المكذب بالدين، الذي أصابت قلبه القسوة، وجمد وتيبس، ومن صفاته أنه يدع اليتيم، ويهينه ويؤذيه، فهو غير قادر بإيمانه الضعيف أن يحسن حياته وحاله، ويتقي سوء العمل.
ما قيمة الدين إذا لم يظهر أثره في السلوك والأفعال، وما معنى الإيمان إذا لم يقد صاحبه إلى الإحساس بالآخرين ببذل الخير، وفعل المعروف، وإطعام المسكين، بل والحض على إطعام المسكين، وإن هانت المسألة المادية أمام مطلوب الله منك فهذه علامة الإيمان.
إن الإيمان بالبعث والجزاء هو الوازع الحق، الذي يغرس في النفس الإقبال على الأعمال الصالحة، حتى يصير ذلك خلقا إذا نشأت عليه زكت وانساقت إلى الخير بدون كلفة. إن قسوة القلب قد تؤدي إلى الغفلة والتكذيب بالدين".
عبدالباري الثبيتي - المسجد النبوي