اضطرابات في تفكيرنا
الجمعة - 27 أبريل 2018
Fri - 27 Apr 2018
سأتناول في مقالي المتواضع بعضا من الإشارات البدائية التي تنم عن وجود اضطراب فكري، والذي يتضح لنا في رؤية الوقائع والحكم والردود، حيث من الصعب جدا أن نشخص تلك الأساليب المضطربة، وذلك لارتباطها جذريا بكيفية وطريقة رؤية الواقع لدى المفكر المضطرب، مما يجعله دائما يعيش في أجواء ضبابية تمنعه من رؤية الحقيقة، وما تنتجه هذه الأساليب من أحكام غير دقيقة وغير صحيحة، متسمة بالعمومية في الحكم على جميع الأحوال دون العودة إلى الظروف والملابسات الخاصة بكل حالة، يعمم الخير، ويعمم الشر بكلمة (جميع) في كل أحكامه، تكاد لا تسمع في قاموسه كلمة (بعض)، مما يبعده كل البعد عن رؤية الأمور بنظرة شفافة وعادلة. وهناك من تخصص في جلد الذات، تجده مثابرا على لوم نفسه وتحقيرها مع توجيه رسائله السلبية وألفاظه المثبطة إليها، حتى وصل به الحال والاقتناع بألا جدوى له في هذه الحياة، وذلك بسبب شعوره الدائم بالتقصير، سواء كان ذلك التقصير تجاه أسرته أو عمله، أو مجتمعه، مستسلما ومخفقا في الوصول إلى تحقيق أسهل الأهداف، وتجده معلنا انسحابه الدائم أمام أي محاولة ربما يجد بها حلا لأصغر مشاكله، ومن أصحاب تلك الأساليب من يظن أنه يتميز بالبداهة، يجتهد في قراءة الأفكار لتصل به قراءاته إلى حسابات وتقديرات خاطئة أثرت على علاقاته المجتمعية. وسيطرت عليه الأوهام غير الواقعية التي رسخت لديه وفقا لبعض الأفكار التي ساقته إلى أحكامه على الأشخاص بأشخاص طيبين أو فاسدين، أو أشخاص ناجحين أو فاشلين، أو أشخاص صادقين أو كاذبين، وهذه الأوهام حتما ستنتهي به إلى الجانب السلبي، حيث إنه سيحكم عليك عند أول خطأ ترتكبه وعند أول عثرة تقع فيها، وستصل به القناعة إلى أنك سيئ لأن أسلوبه في التفكير قائم على معيار مبدأ الزلة الواحدة. كل هذه الحالات الأسلوبية في التفكير موجودة بيننا مع الأسف الشديد، وتتم ملاحظتها، وهي اضطرابات تهدد أصحابها بداء سلوكي ونفسي قد يتطور مع الزمن إذا لم تتم معالجته وتصحيحه.