«مدى» قد تزيد الطين بلة!

الجمعة - 27 أبريل 2018

Fri - 27 Apr 2018

استبشر مستخدمو التجارة الالكترونية خيرا بقرار البدء تدريجيا في استخدام بطاقات الصرف الآلي «مدى» كوسيلة دفع في التجارة الالكترونية، وهو قرار طال انتظاره من قبل المهتمين والممارسين والعاملين في هذا المجال، حيث كما أفادت العديد من الدراسات والتقارير التي عنيت بالتجارة الالكترونية محليا بأن عدم توفر هذه الخدمة يعد أحد المعوقات الرئيسة التي حجمت من تطور التجارة الالكترونية وممارستها في المملكة.

ومع الإيمان الكامل بضرورة هذه الخطوة وأهميتها في توسع التجارة الالكترونية، إلا أنه يبقى عدد من التساؤلات حول مدى توفر ضمانات نجاح القرار وتحقيق أهدافه، وعن مدى ملاءمته للمستهلك السعودي في ظل البيئة القانونية الحالية للتجارة الالكترونية، والتي ما زال ينقصها الكثير، مما يؤثر سلبا على ثقة المستهلك، وبالتالي قراره في ممارسة التجارة الالكترونية واستخدام بطاقة الصرف الآلي «مدى»، خاصة إذا علمنا أن استخدامها يعد أكثر خطورة من استخدام البطاقات الائتمانية!

إن أحد أهم المتطلبات القانونية الملحة هو إيجاد نظام فعال لحماية البيانات، وذلك نظرا لأهمية البيانات المتبادلة أثناء عملية التجارة الالكترونية، والتي قد يهملها التاجر لاحقا أو تتم سرقتها أو بيعها إلى طرف ثالث للاستفادة منها بشكل أو بآخر كما رأينا في الأيام الماضية في قضية «Facebook»، وما سببته القضية من ضرر معنوي ومادي ما زالت تعاني منه الشركة حتى الآن.

بشكل عام تكمن أهمية البيانات في كونها المكون الرئيس للقرارات بشتى مجالاتها، سواء كانت أكاديمية أو صحية، اقتصادية أو سياسية، ولا سيما أننا في عصر اقتصاد المعرفة الذي تعد البيانات والمعلومات من أهم موارده، كما يطلق عليها البعض «بترول العالم الرقمي». لذلك تحرص العديد من الجهات على الحصول عليها أو حتى شرائها. تزداد أهمية البيانات عندما تكون مرتبطة بالأفراد، سواء كانت بيانات عادية كتلك التي يمكن من خلالها التعرف على هوية المستهلك والتواصل معه، أو كانت بيانات أكثر خصوصية كالبيانات الطبية والبنكية والائتمانية وغيرها.

أما في التجارة الالكترونية بشكل خاص فتشكل البيانات وكيفية التعامل معها من قبل البائع عاملا مؤثرا في ثقة المستهلك، فقد أشارت بعض الدراسات إلى أن نسبة كبيرة من المستهلكين يترددون كثيرا في الإدلاء بمعلوماتهم الشخصية وبيانات البطاقات الائتمانية عند الشراء «أونلاين»، والبعض الآخر قد يحجم عن الشراء إذا شعر لوهلة أن الموقع الالكتروني ليس موثوقا، ولهذا السبب لجأ عدد من المستهلكين في السابق إلى البطاقات الائتمانية مسبقة الدفع، ليكونوا في مأمن من التلاعب ببيانات بطاقاتهم الائتمانية ذات السقف المرتفع، وهو الخوف الذي قد يتجدد مع استخدام بطاقات «مدى»، وبالتالي عدم تحقق الغاية من هذا القرار، بل قد يزداد الحال سوءا في ظل غياب نظام يحكم حفظ البيانات والتعامل معها.

لا أنكر وجود مبادئ عنيت بحماية البيانات، كذلك وجود وثائق لحماية المعلومات وضمان سريتها لدى بعض المواقع الالكترونية، إلا أنه في ظل النهضة التنموية التي تشهدها المملكة، وأخذا في الاعتبار تطلعات قادتنا في أن تكون المملكة في مصاف الدول المتقدمة في شتى المجالات والتي منها التجارة الالكترونية، فإن ذلك يحتم وجود نظام لحماية البيانات، أسوة بهذه الدول، توحد فيه الإجراءات ليكون أكثر فعالية ويحقق أهداف مثل هذه القرارات التي تصب في مصلحة المستهلك والتجارة الالكترونية على حد سواء.

أخيرا ومن باب البداية من حيث انتهى الآخرون، قد يكون الاسترشاد بتجربة الاتحاد الأوروبي خيارا مثاليا في إيجاد نظام يعنى بحماية البيانات، وذلك لتجربته الطويلة في حماية البيانات وأنظمتها التي يتم تطويرها بشكل مستمر، ولا سيما أنه بصدد طرح نظام جديد جرت دراسته وتطويره على مدى سنوات عدة ليكون أكثر فعالية ومواكبة لمستجدات العصر.