عبدالحليم البراك

المتحف الجداري هو الحل!

الاثنين - 23 أبريل 2018

Mon - 23 Apr 2018

رسالة المتاحف عظيمة لا تقل في العظمة والأهمية عن غيرها من الوسائل الثقافية من حيث التنمية الحضارية، والارتقاء بأذواق الناس، كما أن المتاحف أحد الحقوق المكتسبة للمواطن، والتي يجب أن يتمتع بها كل فرد في المجتمع؛ للارتباط بالعلم والمعرفة والثقافة التي يمنحها أي متحف باعتباره وسيلة للثقافة، وذلك من خلال العرض والاطلاع بالعين، كما أن اصطحاب أطفالنا وشبابنا لزيارة المتاحف يساهم في تحريك الراكد الثقافي والمعرفي وتنوير العقول، وتوضيح أن المتاحف ليست مهمتها فقط الحفاظ على الثروات الفنية، ولكن أيضا تعميق الثقافة بشكل عام.

لكن توجد بيننا وبين المتاحف قطيعة غير طبيعية في الوقت الحالي، بل إننا لا نعرف المتاحف إلا في السفر للدول الأخرى. وثمة نقطة أخرى ساخرة في الموضوع، وهي أنك تذهب إلى بلد ما، وتجدنا نتكتل في شارع شهير، أو في مول كبير في ذلك البلد حتى يكاد بعضنا يعرف بعضا هناك، أو نكاد نشعر أننا في أحد شوارع الرياض أو القصيم، وبمجرد أن تقرر أن تذهب إلى متحف؛ يختفي العنصر العربي كله، وتشعر أخيرا أنك في فرنسا أو بريطانيا!

علاقتنا في المتاحف لا تتعدى الشعور بالماضي والفرق بينه وبين الحاضر، أو لا تتعدى استعراض ما نملكه من تقنية ونقارنه بأدوات السابقين بشيء من السخرية، بل إن كلمة «تششش» حاضرة، بينما الدهشة تجدها على وجوه الآخرين - لن أقول الأجانب حتى لا يقال عندي عقدة الأجنبي، عندما ينظرون إلى أي شيء تراثي، بل يقومون بالربط بين تراث وتراث آخر، أذكر أن أحدهم ربط بين ألوان السجاجيد النجدية والعراقية، وآخر يربط الرقص الممتد من تركيا شمالا حتى شمال السعودية بالتشابه.

ولذلك أقترح إنشاء متحف جداري، وهو متحف يكون خارجيا وليس في مبنى، ويكون هذا المتحف بجوار ممشى شهير ومزدحم - مثل شارع التحلية أو مضامير المشي- حيث الناس تمر وتزور هذه المتاحف قسرا بمرورها عليه، وليس اختيارا، لعلها تتعلم مع أطفالها أهمية المتاحف وضرورتها الفكرية والثقافية!

وثمة حل آخر يمكن أن يكون مفيدا، وهو الاستفادة من جدار ملعب رياضي، فكرة القدم يزورها الصغار والكبار، ولو استفدنا من جدار الاستاد الرياضي الذي يقع داخل المدينة كاستاد الملز وملعب مدينة الملك عبدالله بن عبدالعزيز في بريدة، سيكون ذلك فرصة للزيارة الإجبارية، فكلما مر شاب شاهد تاريخ بلاده.

ويجب ألا تقتصر متاحفنا على (مواعين) السابقين فقط، بل هناك المتحف التعليمي، وفيه تاريخ التعليم والكتب - يمكن وضعه على جدار مدرسة، والتاريخ الحربي، وهو تاريخ الأسلحة في الجزيرة العربية، وتاريخ المرأة، ومتحف الشعر والشعراء والمعلقات، والعصور المختلفة في الجزيرة، وتوضع على جدران الأندية الأدبية.

قد تبدو الفكرة سطحية ساخرة بعض الشيء، لكنها مهمة للغاية لإيصال المتحف للناس بالقوة القسرية المحببة!