النفس البشرية عند المفكرين والأدباء

السبت - 21 أبريل 2018

Sat - 21 Apr 2018

يحتاج الإنسان بين فترة وأخرى أن يراقب ذاته، ويتعرف على نفسه ليفهمها بشكل ما، وليستطيع بذلك مواصلة الحياة بقبول أكثر، وتوازن أوضح وأكبر.

كيف تحدث بعض المفكرين والأدباء عن النفس؟

1 في الأدب قال عنها جبران خليل جبران:

إن الينبوع الكامن في أعماق نفوسكم سيتفجر يوما ويجري منحدرا إلى البحر، والكنز المطمور في أعماقكم غير المتناهية سينقب في ساعة لا تعلمونها وتفتح أبوابه أمام عيونكم، ولكن حذار أن تأخذوا معكم موازينكم لكي تزنوا بها كنزكم غير المعروف. كلا، ولا تسبروا غور معرفتكم بقياس محدود أو حبل مشدود لأن الذات بحر لا وزن ولا قياس له. أجل، ولا تقل في ذاتك: قد وجدت الحق، بل قل بالأحرى: قد وجدت حقا. ولا تقل: قد وجدت طريق النفس، بل قل بالأحرى: قد رأيت النفس تمشي على طريقي، لأن النفس تمشي على جميع المسالك والطرق. النفس لا تمشي على حبل أو خيط، ولا هي تنمو كالقصبة. النفس تطوي ذاتها كالبتلات التي لا يحصى عددها.

2 في علم النفس الاجتماعي تحدث عنها إيريك فورم قائلا:

جوهر الإنسان عبارة عن تناقض متأصل في الوجود البشري، ويمكن اكتشاف هذا التناقض في مجموعتين من الحقائق:

- الإنسان حيوان، ومع ذلك فإن جهازه الغريزي غير كاف لضمان بقائه، ما لم ينتج وسائل تسمح بتلبية احتياجاته المادية وتطوير الكلام والأدوات.

- يتمتع الإنسان بالذكاء، مثله في ذلك مثل بقية الحيوانات، الأمر الذي يسمح له باستخدام العمليات الفكرية لصالح تحقيق أهدافه المباشرة والعملية، إلا أن الإنسان يتمتع بميزة عقلية أخرى يفتقر الحيوان إليها، وهي وعيه لذاته، ولماضيه ومستقبله الذي هو موته، ووعيه لصغره وقوته، بالإضافة لوعيه للآخرين كآخرين، كأصدقاء، كأعداء، أو كغرباء.

الإنسان ما زال في الطبيعة خاضعا لأوامرها وحوادثها، إلا أنه في الوقت نفسه يتجاوز الطبيعة لأنه يفتقر لعدم الوعي الذي يجعل الحيوان جزءا من الطبيعة وواحدا معها، وبالتالي يواجه الإنسان الصراع المرعب المتمثل في كونه سجين الطبيعة، وفي الوقت نفسه هو حر أفكاره، وبكونه جزءا من الطبيعة وفي الوقت ذاته كأنه استثناء لها، وبكونه ليس هنا ولا هناك.

3 في الفلسفة الإسلامية تحدث عنها أبوحامد الغزالي:

النفس إن اتجهت صوب الصواب وسكنت إلى المعارف الإلهية، وصارت في أعلى أفق الملكية، فيقال إنها النفس المطمئنة، وإن كانت مع قواها في شجار ونزاع فتارة إلى جانب العقول، وتارة تستولي عليها القوى فتهبط إلى حضيض منزلة البهائم، فهي النفس اللوامة، وإن صارت في حضيض البهائم بانسلاخها عن الفضائل الإنسانية وعدم مشاركتها للإنسان إلا بالصورة التخطيطية فهي النفس الأمارة بالسوء.

إن النفس أظهر من أن تحتاج إلى دليل في ثبوتها، فإن جميع خطابات الشرع تتوجه لا على معدوم، بل على موجود حي يفهم الخطاب، ويقصد أن المعلوم الذي لا يرتاب فيه أن الأشياء مهما اشتركت في شيء وافترقت في شيء آخر فإن المشترك يمكن أن يفرض فيه أبعاد ثلاثة متقاطعة. فنجد الإنسان فيه جميع ما في النبات والحيوان من المعاني، ويتميز بإدراك الأشياء الخارجة عن الحس؛ مثل: أن الكل أعظم من الجزء، فيدرك الجزئيات بالحواس الخمس، ويدرك الكليات بالمشاعر العقلية، ويشارك الحيوان في الحواس، ويفارقه في المشاعر العقلية.

الأكثر قراءة