الطاقة الشمسية.. هل نحن جاهزون للاستفادة منها؟

الجمعة - 30 مارس 2018

Fri - 30 Mar 2018

على الرغم من أن المملكة العربية السعودية تمتلك 18% من احتياطيات النفط العالمية المثبتة، وتصنف كواحد من أكبر البلدان المصدرة للنفط في العالم، إلا أنها كانت ولا تزال تتطلع إلى الاستثمار في الطاقة المتجددة «الطاقة الشمسية بالتحديد». اعتدنا أن نسمع أخبار الطاقة الشمسية في المملكة العربية السعودية في نشرات الأخبار ونقرأها في الصحف المحلية والدولية، ولكن لم نر حتى الآن مشروعا متكاملا تم تطبيقه على أرض الواقع.

قطاع الطاقة المتجددة في المملكة العربية السعودية لا يزال في المراحل الأولى من التطوير، على الرغم من أن هناك عددا لا بأس به من مشاريع الطاقة المتجددة قد بدأ منذ أكثر من 30 عاما في البلاد، إلا أن هذه المشاريع لم تحقق تأثيرا كبيرا، لأنها لم تكن مدعومة لفترة كافية، لتترك بعدها انطباعا سلبيا عن قطاع الطاقة الشمسية.

خلال فترة دراسة الدكتوراه، خصصت جزءا من أبحاثي للنظر في التحديات التي يواجهها قطاع الطاقة المتجددة في المملكة، زرت خلالها العديد من مراكز الأبحاث وشركات الطاقة والجامعات لأتعرف عن قرب عن المشاكل التي تواجه هذا القطاع من النواحي الإدارية تحديدا. إضافة إلى التحديات المناخية والتقنية التي يواجهها المهندسون والفنيون بالنسبة لألواح الطاقة الشمسية، هناك صعوبات إدارية تنظيمية تؤثر بشكل سلبي على تطور قطاع الطاقة المتجددة.

فالمملكة تفتقر إلى وجود إطار تنظيمي متكامل فعال للطاقة المتجددة، بمعنى أن الطريقة والاستراتيجية لمعالجة قضايا تطوير القطاع غير واضحة. كما أن التناسق والتعاون بين مختلف المراكز والشركات والمبادرات في قطاع الطاقة المتجددة محدودان جدا. أذكر أنني قابلت أحد الخبراء الذي يعمل في أحد مشاريع الطاقة الشمسية في جدة، وأخبرني أن المشروع لم ينته بعد، سافرت بعدها بيومين للرياض وقابلت خبيرا آخر يعمل على نفس فكرة المشروع وأخبرني أن المشروع انتهى والنتائج جاهزة، لكن المستغرب هو أنه لا يعلم شيئا عن المشروع القائم في جدة. تخيلوا فقط حجم الهدر الذي نتج عن تكرار هذه المشاريع: هدر أموال وهدر طاقات بشرية.

كذلك تفتقر المملكة إلى وجود استشاريين وخبراء محليين في مجال الطاقة المتجددة، إضافة إلى رأس المال المادي والتطور التكنولوجي، فإن رأس المال البشري هو المحدد الرئيسي للنمو الاقتصادي لأي دولة حول العالم. المملكة العربية السعودية لديها القدرة المالية لإقامة مشاريع الطاقة المتجددة، لكن نقص الخبراء المحليين سيكون من أهم التحديات مستقبلا، والاعتماد على الخبراء الأجانب سيؤدي الغرض الأساسي لكن سيزيد من معدلات البطالة.

لقد سعدت جدا بالاتفاقية التي أبرمها الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز مع «سوفت بنك» لإنشاء أكبر مشروع للطاقة الشمسية في العالم، وسينتج المشروع 200 جيجاوات في السعودية بقيمة إجمالية تصل إلى 200 مليار دولار أمريكي. كي ننجز هذا المشروع على أكمل وجه ونحقق أهدافنا في بناء قطاع طاقة متجددة متكامل حتى عام 2030 علينا أن نضع في عين الاعتبار التحديات الثلاثة التي سبق ذكرها حتى نكون أكثر جهوزية للفترة الجريئة القادمة التي تشكل أهمية كبيرة لمستقبل الطاقة في السعودية.

توصيات لقطاع الطاقة المتجددة:

• التعاون والتنسيق بين مراكز الأبحاث والمنظمات والشركات في قطاع الطاقة المتجددة سيخلق مناهج متقدمة في التعامل مع الصعوبات، مما يؤدي إلى بناء قطاع الطاقة المتجددة بشكل أسرع

• برنامج الابتعاث الخارجي «وظيفتك/‏ ‏بعثتك» لا بد أن يستثمر في قطاع الطاقة المتجددة مباشرة، ويتم ذلك عن طريق زيادة عدد الطلاب والطالبات ذوي المهارات الإدارية والتقنية للدراسة في تخصصات الطاقة المتجددة

• مصطلح «الطاقة المتجددة»» لا يحظى بالاهتمام الكافي في وسائل الإعلام أو في المناهج التعليمية في المملكة العربية السعودية

Sam_Tardi@