عبدالله المزهر

سقوط صواريخ وأشياء أخرى!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الاثنين - 26 مارس 2018

Mon - 26 Mar 2018

حين بدأ الناس يتناقلون خبر إطلاق العصابة الحوثية صواريخها تجاه السعودية كنت أستعد للنوم، والاستعداد للنوم أهم من النوم نفسه، فأنا أنام أربع ساعات أستعد لها في ست ساعات تقريبا. وتراودني رغبة في الإسهاب في هذه القضية المحورية، لكن موضوع نومي ليس هو القضية التي أريد أن أتحدث عنها اليوم.

والفكرة أن هذه الصواريخ لم تغير أي شيء في معسكر استعدادي ونمت في الوقت المتوقع كما فعل السعوديون جميعا، لأننا واثقون من أمرين، الأول أنه لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا، والثاني أنه في الوقت الذي نشتم فيه الأرق ونصارع أسرتنا من أجل النوم فإن هناك من يسهر لكي يكون الأرق هو مشكلتنا الوحيدة. وأن يكون خوفنا الوحيد هو ألا نستيقظ في الوقت المناسب. وهذا ما حدث بالفعل، فقد استيقظت في اليوم التالي وأنا أشتم المنبه أكثر مما شتمت صواريخ الحوثي، لأنه كان أكثر إزعاجا.

والحوثي عدو واضح، ولذلك فإن إطلاقه تلك الصواريخ يبدو أمرا منطقيا وفي سياق الأمور، صحيح أنه يحارب بالنيابة عن آخرين، وأنه أغبى عدو ممكن في هذه الفترة البائسة من التاريخ، لكنه عدو على أي حال، يفعل ما في وسعه لإيذاء خصمه قولا وفعلا. وهذه طبيعة الأعداء في كل زمان ومكان.

لكن احتفال إعلام «الأشقاء» بهذه الصواريخ أمر لا يفعله الأشقاء الأسوياء.

وهذه الأحداث هي زاد القنوات الإخبارية، تجدها فرصة للتحليل والبحث فيما وراء الخبر، لكن أن تتحول نشرات الأخبار في قناة مثل الجزيرة إلى كرنفال احتفالي بهذه الصواريخ، وهي التي كانت قبل بضعة أشهر تقف في الطرف الآخر من هذه القضية أمر يؤكد للمرة الألف أن تلك الشعارات التي كانت ترفعها القناة عن المهنية والاحترافية والمصداقية كانت مثل كلمات الغزل الجميلة التي يستعيرها منحرف من قصيدة لا يعرف قائلها ليغوي بها فتاة يراودها عن عفتها. وقد كان، وصدق الكثيرون أن تلك الشعارات هي من تأليف وألحان قناة الجزيرة، وكثيرون إلى الآن لا يريدون أن يصدقوا أن عقولهم تعرضت للقرصنة.

قلت سابقا ـ وفقني الله ـ إني أصبحت أتابع هذه القناة لأني آمنت أنها قناة ساخرة، لكني بدأت أراجع قناعاتي مجددا، فالسخرية غير التهريج، وحين يحتار مذيع قناة الجزيرة العملاقة التي صرف عليها أكثر مما صرف على القطريين أنفسهم ثم يسأل: هل عادت الصواريخ إلى قواعدها؟ وهو سؤال لم يعد مقبولا حتى في النكات السخيفة السامجة. فإن ذلك لا يعتبر سقوطا مهنيا، لأن السقوط يكون من الأعلى والجزيرة لم يعد تحتها تحت حتى تسقط إليه.

وعلى أي حال..

وعودة إلى الصواريخ ـ التي لم تعد إلى قواعدها ـ فإن مشكلة السعودية الأوضح والتي تؤخر حسم الأمور في اليمن تكمن في أولئك الذين يأكلون مع الذئب ويبكون مع الراعي.

@agrni