حنان المرحبي

ضبابية في العلاقات التجارية الدولية

الاحد - 25 مارس 2018

Sun - 25 Mar 2018

تشهد التجارة الدولية تحولات متتابعة نتيجة للتغيرات الجيوسياسية والاجتماعية التي توالت على مناطق متفرقة من أنحاء العالم في السنوات القليلة الماضية، خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ودخول دونالد ترمب للمحفل السياسي، وتحركات روسيا تجاه الغرب، وعودة الاستقرار لمصر، والجهود التي تقودها المملكة العربية السعودية لتعزيز استقرار الشرق الأوسط أمنيا واقتصاديا واجتماعيا.

وقد تبع هذه التحولات بزوغ تغيرات على ملامح التجارة الدولية، وتزايد ملحوظ في حدة الصراعات بين دول كانت بالأمس صديقة وتعمل تحت مظلة تحالفات ومعاهدات استقرت عقودا. ففي حين تنطلق رؤية الرئيس الأمريكي الحالي من الإصلاح الداخلي أولا، ومنها تصاغ سياساته وعلاقاته الخارجية مع أوروبا والصين وبقية دول العالم، تتصاعد الأزمة بين بريطانيا وروسيا بعد قيام الدولتين بطرد عدد من الدبلوماسيين، واستمرار التقاذف بالاتهامات والتهديدات. خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي جعلها في مواجهة مباشرة مع الروس، وتعاون دون المستوى المأمول من قبل حلفاء الأمس من الأوروبيين.

وعلى صعيد أمريكا اللاتينية، شجب تجمع السوق المشتركة لدول أمريكا الجنوبية «ميركوسور» تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترمب حول التدخل العسكري في التعامل مع فنزويلا التي تشهد مظاهرات ضد حكومة الرئيس مادورو. وهذا التحالف الذي يضم أكبر اقتصادين «البرازيل والأرجنتين» إلى جانب باراغواي وأوروغواي قد علق عضوية فنزويلا، الغنية نفطيا والأعلى ترتيبا بمؤشر الدول الأكثر فسادا في العالم.

وهناك جبهة حرب تجارية يستعد ترمب لفتحها مع الصين متهما إياها بالتراخي مع سرقات حقوق الملكية الفكرية لصناعة الميديا والأفلام الأمريكية كأكبر مستهلك غير شرعي لها. ومواقف ترمب المتعلقة بالتجاوزات تأتي بالعادة في لغة شديدة اللهجة ويتبعها تصعيد باستخدام العقوبات والقوة لا التفاوض ولا الدبلوماسية.

تلك الأجواء السياسية غير المستقرة تتسبب في نشوء ضبابية حول السياسات الاقتصادية المحلية المتعلقة بعوامل رئيسية لنجاح الأعمال التجارية منها قوانين العمل، قوانين الهجرة، الرسوم الجمركية والضرائب، رؤوس الأموال الأجنبية وفرص التمويل، حماية الحقوق، بيروقراطية الجهاز الحكومي، الفساد والجرائم والسرقات.

وهذه الظروف تحفز الدول إلى إعادة النظر في العلاقات الحالية والبحث مجددا عن فرص تعاون وشراكات جديدة مع دول أكثر استقرارا ونموا.

تزايد الاحتكاكات الجيوسياسية قد دفعت المدير العام لمنظمة التجارة الدولية إلى حث الدول الأعضاء إلى ضبط النفس والعودة لطاولة الحوار لحماية استقرار الاقتصاد العالمي الذي يشهد انتعاشا هشا على حد تعبيره. ولكن عملا بالمقولة «مصائب قوم عند قوم فوائد» ربما الفرصة سانحة لدول الشرق الأوسط للتحرك نحو مواقع جديدة على خارطة التجارة العالمية من خلال السبق في تكوين علاقات وشراكات تثبت من خلالها مراكزها وتنطلق منها نحو مستقبل تجاري آمن وريادي.

@hanan_almarhabi