عبدالغني القش

مناشدة لإيقاف العبث بأوتاد الأرض!

الجمعة - 23 مارس 2018

Fri - 23 Mar 2018

مشاهد متعددة نراها في أماكن متفرقة، تمر دون عناية أو اهتمام، ألا وهي عملية الإزالة الكلية أو الجزئية للجبال، وبشكل عجيب؛ فكل جبل يفصل أملاكا عن الطريق العام أو يفصل بينها فهو يزال وبشكل شخصي، وكذا امتد الحال للطرقات إذ باتت إزالة الجبال لا يأبه لها ولا تشكل عائقا؛ فتتم الإزالة وبشكل سريع!

والمتأمل يجد أن هذه الجبال لها أهمية كبيرة جدا في وجودها، إذ هي لم توجد عبثا.

ولا تعجب عزيزي القارئ فالجبل يمثل وتدا من أوتاد الأرض، والوتد ما يثبت في الأرض أو الحائط مهما كان نوعه أو اختلف شكله، لدعم سور أو تثبيت خيمة، وأوتاد الأرض جبالها، وقد جعلها الخالق سبحانه أوتادا للأرض كي لا تميد بأهلها أي لا تميل ولا تهتز، فالجبل يشبه الوتد من حيث الدور والوظيفة إذ إنه يعمل على تثبيت القشرة الأرضية ويمنعها من الاضطراب والميلان، فكانت هذه الجبال بقدرة الله سببا لتماسك الأرض واستقرارها وحفظها وتثبيتها، فهي بحق تشبه الأوتاد شكلا ووظيفة؛ وبما أن للوتد جزءا ظاهرا فوق سطح الأرض وجزءا منغرسا في باطن قشرة الأرض ووظيفته تثبيت ما يتعلق به، فكذلك الجبال ثبت علميا أن لها جزءا ظاهرا فوق قشرة الأرض وجزءا منغرسا في باطنها يتناسب طرديا مع ارتفاعها وعلوها، وأن وظيفة الجبال هو تثبيت ألواح قشرة الأرض ومنعها من أن تميد وتضطرب بفعل الطبقة المنصهرة تحتها.

وكم هو عجيب ترك الأمر للجميع أن يزيلوا ما يرغبون إزالته من هذه الجبال، والأعجب هو ذلك الصمت المطبق من قبل الجهة المعنية بحماية البيئة!

أما المؤلم فهو عدم العناية بالجبال التاريخية، وتركها دون اهتمام، فالمفترض التعريف بها، وكف أيدي العابثين من المساس بها، فمنها ما هو ثابت ثبوتا قطعيا ذكر في كتب السير، وتعد من المعالم النبوية التي يفترض منحها المزيد من العناية والاهتمام، وكم هو مؤسف مشاهدة البعض وقد أوشك على الزوال، والبعض ترك لمن يريد التوسع فأزال منه ما أراد، في مشهد يتفطر له الوجدان.

إن الجبال معالم ظاهرة ينبغي العناية بها، والبعض منها على قدر من الجمال وبخاصة إذا ما أولي عناية واهتماما، وهنا إشادة واجبة بما قامت به أمانة المدينة المنورة من إنارة رائعة لجبل أحد، فكان بحق إضافة جمالية رائعة لبلد المصطفى الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، ويرجى أن يمتد ذلك للجبال الأخرى وبخاصة تلك التي ثبت في السيرة المرور عندها أو الوقوف عليها أو تحديد حدود المدينة بها.

ويرجى أن تقوم أمانة العاصمة المقدسة بعمل مماثل لجبال مكة، فتتم إنارتها والتعريف بها، ومن ثم تيسير الوصول إليها؛ فهي كنوز تاريخية وبخاصة أن بعضها يتصل بسيرة سيد البشرية وخير البرية، ومؤلم أن نرى بعض المقاطع والصور لتلك الجبال وقد تعسر الوصول إليها وتم العبث بها.

وهذه دعوة لمعرفة أسرار هذه الجبال ومنح الصور الجمالية لها المزيد من العناية، والإفادة منها سياحيا؛ فبلانا تنعم بالعديد من الجبال التي تلفت النظر بأشكالها الجميلة وألوانها المختلفة وارتفاعاتها المتفاوتة وغير ذلك من الجوانب الجمالية، والمفترض الإفادة منها بشكل أفضل.

ومن المهم الحفاظ على هذه الأوتاد وإبقاؤها كما هي، إلا ما دعت إليه الضرورة القصوى، والأهم حمايتها أيضا من العبث وفرض العقوبات والغرامات الرادعة على كل من يحاول ذلك، فهل نطمع في التدخل العاجل وسن القوانين الصارمة لحماية أوتاد الأرض؟!

[email protected]