جبهة لمواجهة الحلف الطائفي
كان أمام دول الخليج بصورة خاصة، فرصة ذهبية للاستفادة من الصحوة الإسلامية المتصاعدة، التي شملت المجتمعات العربية والإسلامية السنية،
كان أمام دول الخليج بصورة خاصة، فرصة ذهبية للاستفادة من الصحوة الإسلامية المتصاعدة، التي شملت المجتمعات العربية والإسلامية السنية،
الخميس - 12 مارس 2015
Thu - 12 Mar 2015
كان أمام دول الخليج بصورة خاصة، فرصة ذهبية للاستفادة من الصحوة الإسلامية المتصاعدة، التي شملت المجتمعات العربية والإسلامية السنية، في مستهل الثمانينات من القرن الماضي، وتوجيهها وتنظيمها من أجل تشكيل جبهة سنية قوية، بموازاة الجبهة الشيعية التي بدأت تتشكل مع تولي أصحاب العمائم السود الحكم المطلق في إيران، بقيادة «الخميني» عام 1979، الذين أعلنوا عن تصدير ثورتهم إلى العالم شرقا وغربا، وبدؤوا بالتغلغل في المجتمعات الإسلامية السنية، عبر المكونات الشيعية الموجودة فيها، لترسيخ موطئ قدم ثابت فيها، واستغلت إيران الانتماء الطائفي المشترك مع تلك الأقليات الشيعية الموجودة في العالم العربي، وركزت عليها دون التركيز على الأقليات الشيعية غير العربية المنتشرة في المجتمعات الإسلامية الأخرى، كتركيا وأذربيجان وباقي الدول الإسلامية غير العربية، واستطاعت بمرور الوقت وبجهد استثنائي ودعاية طائفية مركزة أن تحرز نجاحا باهرا في استمالة هذه البؤر الشيعية في الوطن العربي، واستغلالها لصالح سياستها التوسعية في المنطقة، واستطاعت أن تشكل معها حلفا استراتيجيا شيعيا عسكريا ميليشياويا عقائديا قويا، يمتد من سوريا ولبنان إلى العراق واليمن والبحرين، والهدف من هذا الحلف؛ تطويق الدول والمجتمعات السنية من كل مكان، تطويق الأردن عبر سوريا ولبنان وتطويق دول الخليج والسعودية باليمن والعراق، حتى استطاعت إيران أن تقطع شوطا كبيرا في طريقها إلى الهيمنة الكاملة على المنطقة، وجاء غزو تنظيم «داعش» لمدينة الموصل وصلاح الدين والأنبار فرصة ذهبية لإيران للتدخل العسكري المباشر في سوريا والعراق، بمباركة وتأييد مباشر من جانب أمريكا والدول الغربية، وقد أعطى وزير الخارجية الأمريكي «جون كيري» الضوء الأخضر لإيران للتدخل في العراق عندما صرح أن أي تحرك إيراني ضد تنظيم «داعش» في العراق سيكون «إيجابيا».
ولولا ظهور هذا التنظيم الإرهابي المحسوب على السنة، لما استطاعت إيران أن تحقق بعضا من أهم أهدافها غير المعلنة في الاستيلاء المباشر على هاتين الدولتين وضمها إلى إمبراطوريتها المستقبلية، وقد أصاب وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل الحقيقة عندما قال إن إيران (تقوم بالاستيلاء على العراق)، فعلا فهي التي تنظم وتقود الجيش العراقي وميليشيا الحشد الشعبي ضد «داعش» في تكريت، ويعتبر الجنرال «قاسم سليماني» القائد العام الفعلي للقوات المسلحة العراقية، والحاكم الإداري الحقيقي للعراق..
إزاء هذه الأخطار المحدقة بالعالم السني، وقفت الدول السنية وعلى رأسها دول الخليج موقفا ضعيفا أقل ما يقال عنه إنه لم يرتق إلى مستوى المسؤولية التاريخية، تركت الساحة خالية لإيران وحلفائها لتصول وتجول فيها وتخطط وتنفذ أجنداتها الطائفية كما تشاء، كان المفروض على هذه الدول بالاشتراك مع دول سنية في المنطقة، تشكيل قوة ردع مشتركة تقوم بالتصدي للزحف الطائفي على مجتمعاتها، وتجابه إيران بنفس نهجها السياسي التوسعي على ضوء القاعدة (..النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن) وتضع استراتيجية طويلة الأمد لمواجهة مخططات الحلف الطائفي. ولو فعلت ذلك لما تجرأت ميليشيا صغيرة مثل «الحوثي» على الاستيلاء على صنعاء وتهديد السعودية في حدودها الجنوبية بالشكل الخطير الذي حدث..
مهما كانت مواقف الدول السنية المتسمة بالضعف تجاه تحركات إيران في المنطقة، فما زالت أمامها فرصة لتدارك الأمر وجمع الكلمة بعد سلسلة من اللقاءات المهمة التي أجراها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز مع قادة وزعماء الدول «السنية» في المنطقة ؛ مصر وباكستان وتركيا والأردن، إضافة إلى زعماء المجلس التعاون الخليجي «قطر والكويت والإمارات» من اجل توحيد الكلمة وبحث القضايا المصيرية التي تهم تلك الدول.. عسى أن تتمخض عن هذه الاجتماعات المهمة قرارات حاسمة تفضي إلى تشكيل جبهة قوية مهمتها مواجهة الخطر الطائفي الحقيقي الذي تمثله إيران وحلفها الطائفي على المنطقة.. آمل أن ينجح الملك سلمان بن عبدالعزيز في لم شمل المسلمين وجمع كلمتهم في إطار عمل مشترك مثمر..