زيارة أمير التجديد تملأ أمريكا وتشغل الناس

الأربعاء - 21 مارس 2018

Wed - 21 Mar 2018

وصفته الصحافة البريطانية بـ «صانع التغيير»، وأطلقت عليه الصحف الأمريكية لقب «أمير التجديد»، هو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الذي ما وطئت قدماه أرض إحدى الدول حتى صار محط اهتمام قادتها، وسلطت عليه أجهزة إعلامها أضواءها، وتبارت في الحديث عن رحلة الإصلاح المالي والإداري والتغيير الاجتماعي التي يقودها. وهذا الاهتمام نابع بالدرجة الأولى من الرؤى الإبداعية وغير التقليدية التي أتى بها، وفي مقدمتها رؤية المملكة 2030، والمشاريع النوعية التي تم إقرارها خلال الفترة التي تلت مبايعته وليا للعهد، مثل مدينة البحر الأحمر ومدينة المستقبل «نيوم»، إضافة إلى تشديده على تقديم الإسلام المعتدل، وتصحيح الصورة السالبة عنه لدى المجتمعات الغربية، وإنصاف المرأة وتمكينها من حقوقها، ومشاريع التحديث المستمرة التي يقوم بها.

وتأتي زيارة ولي العهد الحالية إلى الولايات المتحدة الأمريكية – والتي أتشرف بمرافقته فيها ضمن الوفد الاقتصادي المصاحب له – في ظروف بالغة الأهمية، ولا سيما في ظل الأوضاع التي تعيشها منطقة الشرق الأوسط والمنطقة العربية بشكل أعم، من استمرار التدخلات الإيرانية السالبة في شؤون دول المنطقة، مثل سوريا والعراق ولبنان واليمن، إضافة إلى فترة ما بعد هزيمة تنظيم داعش في العراق. ومع أن الزيارة تحفل في أجندتها بمواضيع في غاية الأهمية، على رأسها تنمية وتطوير الصناعات المتقدمة، وتوطين التقنية، وتنمية صناعة الترفيه، وهذه جاءت كجزء رئيسي من الرؤية التي هدفت إلى تقليل الاعتماد على النفط كمصدر وحيد للدخل، إلا أن التصدي للإرهاب الذي تمارسه إيران كان هو العنوان الأبرز، بعد أن استمرأت طهران تحدي المجتمع الدولي، وواصلت سياساتها التخريبية في عدد من دول المنطقة، مستخدمة شعارات مذهبية لإحداث فتن طائفية، لذلك جاء لقاء ولي العهد بالرئيس الأمريكي دونالد ترمب استكمالا لقمة الرياض التي عقدت في مايو من العام الماضي، ومتابعة تنفيذ مخرجاتها.

ولعل الاهتمام الإعلامي اللافت الذي أولته وسائل الإعلام الأمريكية للضيف الكبير مثل مؤشرا واضحا على مدى الأهمية البالغة التي يتعامل بها الغرب مع المملكة، كقائدة للدول العربية والإسلامية، وعضو في مجموعة العشرين، والدليل على ذلك هو أن كثيرا من الفضائيات والصحف الأمريكية أعادت نشر مقاطع من اللقاء الذي أجرته محطة CBS مع ولي العهد، وبذلت الكثير من الجهد في تحليل مضامينه، وإن اتفقت جميعها على أهميته والشفافية التي ميزت الأمير محمد.

أما لقاؤه بالرئيس الأمريكي دونالد ترمب في أول أيام الزيارة فقد كان حدثا لافتا، تحدث فيه الزعيمان بمنتهى الشفافية والوضوح، ووضعا النقاط على الحروف، وأكدا عزمهما الوقوف صفا واحدا في مواجهة الخروقات الإيرانية، وشددا على وقف تمويل الإرهاب، من أي جهة كانت. كما جدد ترمب التزام بلاده بتسليح الجيش السعودي بأحدث الأسلحة والمعدات العسكرية، واصفا لقاءه ولي العهد السعودي بأنه «شرف له»، على حد تعبيره. بعد ذلك تفرغ ولي العهد لزيارة ست مدن أمريكية، متنقلا بين كبار شركات التكنولوجيا العملاقة والتقنية المتقدمة، ومصانع الأسلحة الأمريكية الفائقة التطور، إضافة إلى شركات صناعة الترفيه المشهورة، والمصانع الحديثة، سعيا وراء نقل تقنياتها إلى بلادنا، وافتتاح فروع لها في أراضينا، لإيجاد فرص وظيفية متطورة، تسمح بإيجاد جيل سعودي عالي المهارات يتسلم راية العمل وتطوير البلاد. ولم تخل الزيارة بطبيعة الحال من قضايا الدول العربية والإسلامية، فتمت مناقشة قضية فلسطين التي تحمل المملكة عبئها منذ سنين طويلة، والأزمة في سوريا وكيفية تقليص النفوذ الإيراني وإنهاء نظام الديكتاتور ومنح الشعب السوري الفرصة لتحديد مصيره واختيار قادته. وبطبيعة الحال نالت اليمن قسطا وافرا من المناقشات، واتفق الطرفان على حتمية عودة الحكومة الشرعية بقيادة الرئيس عبدربه منصور هادي، لذلك فإن كل مؤشرات الزيارة حملت معنى واضحا، هو أن ولي العهد السعودي حمل في زيارته قضايا بلاده وهموم أمته، ناقشها بوضوح وتوصل إلى تفاهمات مرضية بشأنها، ستظهر نتائجها في القريب العاجل بإذن الله.