حارة الشامية تاريخ يمتد إلى خمسة قرون

تزامنت نشأة حارة الشامية بمكة المكرمة مع الوجود العثماني عام 923هـ تقريبا، حيث استقرت الأمور السياسية فيها إلى حد كبير عما كانت عليه في العصر المملوكي، وكثر المستوطنون بها، حتى إن قطب الدين النهروالي القطبي يقول عن تلك الفترة،

تزامنت نشأة حارة الشامية بمكة المكرمة مع الوجود العثماني عام 923هـ تقريبا، حيث استقرت الأمور السياسية فيها إلى حد كبير عما كانت عليه في العصر المملوكي، وكثر المستوطنون بها، حتى إن قطب الدين النهروالي القطبي يقول عن تلك الفترة،

الجمعة - 05 ديسمبر 2014

Fri - 05 Dec 2014



تزامنت نشأة حارة الشامية بمكة المكرمة مع الوجود العثماني عام 923هـ تقريبا، حيث استقرت الأمور السياسية فيها إلى حد كبير عما كانت عليه في العصر المملوكي، وكثر المستوطنون بها، حتى إن قطب الدين النهروالي القطبي يقول عن تلك الفترة، في كتابه الإعلام بأعلام بلد الله الحرام «وهي تزيد عمارتها وتنقص بحسب الأزمان، أو بحسب الولاية والأمن، والخوف والغلاء والرخاء، وهي الآن بحمد الله تعالى في دولة السلطان مراد خان خلد الله ملكه، في أعلى درجات العمارة والأمن، بحيث ما رأينا من أول العمر إلى الآن هذه العمارة ولا قريبا منها».

ثم يأتي بعده ابن أخيه عبدالكريم القطبي ليقول «قد زاد البناء على غالب جبل أبي قبيس ونحو نصف جبل جزل، ويسمى الأحمر».

وجبل جزل الذي ذكره هنا هو الذي عرف أخيرا وحتى إزالة المباني التي عليه مؤخرا بجبل هندي، والذي تطل واجهته الشمالية على حارة الشامية.

فكانت إحدى الحارات التي نشأت نتيجة لهذا التمدد العمراني.



نسبة أهلها لها



حدها الجنوبي هو جبل جزل «هندي»، والغربي جزء من جبل هندي ثم جبل قرن وكلاهما من أجزاء جبل قعيقعان، والذي يلتف عليها بالكامل من جهاتها الثلاث تقريبا الجنوبية والشمالية والغربية، وصولا إلى الفلق ثم إلى القرارة، والتي تحدها من الجهة الشرقية.

ومن هنا يمكن القول إن الشامية كحارة حقيقية ينتسب إليها سكانها، هي المنطقة الواقعة في حضن جبل قعيقعان من جهته الجنوبية الشرقية والتي سبق تحديدها.

أما ما يتبعها إداريا وعرفا فعدة حارات منها قاعة الشفا وجبل هندي وجبل قرن وجزء من سويقة، وحارة باب الباسطية وغيرها من الحارات الصغيرة، وإن كانت كل حارة مستقلة بذاتها وينتسب إليها سكانها.

أما في المناسبات الاجتماعية كالأعياد أو خروج الركوب فجميعهم أهل الشامية، ولعل ذلك كان نتيجة لاعتبارها أكبر ما حولها من الحارات فنسب الجميع إليها.



شام الحرم أو قيقعان



تشير بعض المصادر إلى أن سبب التسمية هو وقوع الشامية في شام الحرم أي شماله، والواقع أنه لو كان هذا السبب الحقيقي للتسمية، لكانت عدة حارات تلي الحرم مباشرة وعرفت قبل أن تعرف الشامية، أولى بهذه التسمية.

ولعل الأرجح هو سكن حجاج الشام وما جاورها بها، في بداية نشأتها حتى إن ابن فهد سماها حارة الشاميين، حيث يقول «تردد الأمير جانم الحمزاوي لمنزل أخيه الأمير شرف الدين يحيى الحمزاوي في حارة الشاميين بقعيقعان».

أما صاحب الدر الكمين والمتوفي سنة 885هـ، سماها قعيقعان، حيث يقول «اشترى حسن النابلسي دارا بقعيقعان» وعند مقارنة النصين نجد أن صاحب الدر الكمين سماها قعيقعان فقط حيث إنها لم تعرف بعد بحارة الشاميين، كما أنه ومن الراجح بأنها لم تكن حارة في مكة تعرف بحارة قعيقعان سوى الحارة التي عرفت فيما بعد بالشامية لوقوعها في حضنه، كما أن الحارات الأخرى القريبة منه كانت لها أسماء تعرف بها.

أما صاحب نيل المنى والذي كتب كتابه في بداية الوجود العثماني في مكة فسماها «حارة الشاميين بقعيقعان» ويظهر أن تعريف موقعها بإضافتها لقعيقعان كان لحداثتها.

يضاف إلى ذلك ما ذكره بيركهارت عند حديثه عن الشامية يقول «هذا الجزء من المدينة متقن البناء ويسكنه التجار والأغنياء، أو العلماء.

وفي فترة الحج يعرض فيه السوريون منتجات بلادهم وصناعاتها، ومن هنا أخذ اسمه، ونجد في هذه المتاجر الحراير من دمشق وحلب، والقماش القطني المصنوع في منطقة نابلس، وخيط الذهب والفضة المصنوع في حلب، والمناديل اليدوية المصنوعة في بغداد ودمشق، والحرير من لبنان والسجاد الفاخر من الأناضول، ومن صناعة بدو التركمان، والعباءات من حماة، والفاكهة المجففة وقمر الدين من دمشق».

ومما سبق يمكن القول إن الشامية وعند نشأتها، عرفت بحارة قعيقعان، وعندما بدأ يسكنها أهل الشام عرفت بحارة الشاميين، ثم تدريجيا أصبحت تعرف بحارة الشامية، وذلك حتى إزالتها لصالح مشروع الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتطوير المنطقة المركزية بمكة المكرمة وتوسعة الحرم المكي الشريف.