لغة "الاختزال" المريحة
نشأ اللغوي الأمريكي الشهير «تشارلز بيرليتز» (صاحب كتاب مثلث برمودا) في بيت يتحدث سكانه خمس لغات! فوالدته لا تتحدث إلا الفرنسية، وأبوه يخاطبه بالإنجليزيه، بينما يتكلم أحد أجداده الألمانية، وجده الآخر الإسبانية، أما الطباخ والبواب فكانا يتكلمان لغة ويلز القديمة! وهو كان يبسط الأمور فيرى أن الأشخاص المختلفين ينطقون لغات مختلفة!!
نشأ اللغوي الأمريكي الشهير «تشارلز بيرليتز» (صاحب كتاب مثلث برمودا) في بيت يتحدث سكانه خمس لغات! فوالدته لا تتحدث إلا الفرنسية، وأبوه يخاطبه بالإنجليزيه، بينما يتكلم أحد أجداده الألمانية، وجده الآخر الإسبانية، أما الطباخ والبواب فكانا يتكلمان لغة ويلز القديمة! وهو كان يبسط الأمور فيرى أن الأشخاص المختلفين ينطقون لغات مختلفة!!
السبت - 01 فبراير 2014
Sat - 01 Feb 2014
نشأ اللغوي الأمريكي الشهير «تشارلز بيرليتز» (صاحب كتاب مثلث برمودا) في بيت يتحدث سكانه خمس لغات! فوالدته لا تتحدث إلا الفرنسية، وأبوه يخاطبه بالإنجليزيه، بينما يتكلم أحد أجداده الألمانية، وجده الآخر الإسبانية، أما الطباخ والبواب فكانا يتكلمان لغة ويلز القديمة! وهو كان يبسط الأمور فيرى أن الأشخاص المختلفين ينطقون لغات مختلفة!! وحال العرب يشبه تماماً بيت بيرليتز، حيث يتحدث كل شخص بلغة لا يفهمها الآخر! واللغة الوحيدة المشتركة بيننا جميعًا هي لغة «الاختزال»، وهي لغة ابتكرها الكسالى في عالمنا العربي (وما أكثرهم)، حيث اعتمدوا على اختصار المعلومة وتقديمها مبتسرة ليتم صكها كحقيقة مطلقة! فالحياة في لغة «الاختزال» هي نموذج «لا تقربوا الصلاة»، نأخذ من الحقيقة جزءًا واحدًا وغالبًا ما يكون مشوهًا! لغة «الاختزال» لا تعترف بالتفكير المركب، حيث لا معنى لوجود شخص يكره الصهاينة ويحترم اليهود، أو إنسان يدعو للقومية العربية ويشجع مانشيستر يونايتد، أو عربي يعشق طرب محمد عبده ويستمتع بأغاني مايكل جاكسون! لغة «الاختزال» هي لغة مريحة، تجعل من أصحابها علماء وفقهاء دون جهد يذكر؛ ففي السياسة، يرى «المختزلون» أن «ميكيافيللي» هو جملة «الغاية تبرر الوسيلة» بينما الحقيقة أن كتابه «الأمير» يُعد من أمتع الكتب وأكثرها إفادة، ولكن لماذا تتعب وتقرأ كتابًا كاملاً بينما لغة «الاختزال» تكفل لك الراحة!«كارل ماركس» قال عند «المختزلين»: إن «الدين أفيون الشعوب»، بينما الواقع أن الرجل قال إن: «الدين هو تنهيدة المضطهد، وقلب عالمٍ لا قلب له، وروح وضع بلا روح، إنه أفيون الشعب»
والأفيون وقتها كان يستخدم على نطاق واسع كعلاج
كما أن الرجل قال إنه أفيون «الشعب» وليس الشعوب، وكان يقصد الدول الاستعمارية
في لغة «الاختزال» تم تحوير نموذج الاقتصادي الفرنسي «جان باتيست ساي» -وهو نموذج لاقتصاد موارد، غير مبني على فكرة أن العملة هي مستودع القيمة- وتم تسمية هذا النموذج «اقتصاد إسلامي» لمجرد استبدال كلمة الزكاة بكلمة الضريبة!أما في الفلسفة، فتلخص لغة «الاختزال» وجودية «جان بول سارتر» في عبارة (الجحيم هو الآخر) -أي آخر في أي مكان- بينما الحقيقة أن الرجل كان يؤمن بالحرية المسؤولة الملتزمة وقال إن: (الجحيم هو الآخر الذي يُقيم نفسه القاضي والجلاد على تصرفاتي)
وفي العلم، يظن أتباغ لغة «الاختزال» أن «داروين» قال: (الإنسان أصله قرد)! ولا أحد يتعب ويقرأ مجلدات «أصل الأنواع» أو يفهم نظرية «النشوء والارتقاء»
والصحيح أن كل ما قاله الرجل في هذا الشأن أن (الإنسان انحدر من كائنات أقل رقيًا تشبه القردة العليا)، وهذا لا يجعل منه قردًا بكل تأكيد! وحفريات الإنسان الأول موجودة ولكن لغة «الاختزال» موجودة أيضًا!!لغة «الاختزال» هي لغة كل «متخاذل» عن واجبه في التعلم والمعرفة
فارحمونا من اختزالكم وتخاذلكم