مرض الشمم الطب الحديث ينكره والشعبي يقره
رغم أن الطب الحديث أنكر وجود مرض يدعى (الشمم)، إلا أن شريحة كبيرة من أهالي حائل - وخاصة النساء - ما زالت تؤمن بوجوده، في ظل الدعم الذي يحظى به من معالجي الطب الشعبي
رغم أن الطب الحديث أنكر وجود مرض يدعى (الشمم)، إلا أن شريحة كبيرة من أهالي حائل - وخاصة النساء - ما زالت تؤمن بوجوده، في ظل الدعم الذي يحظى به من معالجي الطب الشعبي
الثلاثاء - 18 نوفمبر 2014
Tue - 18 Nov 2014
رغم أن الطب الحديث أنكر وجود مرض يدعى (الشمم)، إلا أن شريحة كبيرة من أهالي حائل - وخاصة النساء - ما زالت تؤمن بوجوده، في ظل الدعم الذي يحظى به من معالجي الطب الشعبي.
وهذا المرض، بحسب العلاج الشعبي، يصيب المريض الذي أجريت له عملية جراحية أو المرأة في فترة النفاس، نتيجة التعرض لشم العطور أو الهواء البارد، ما يؤدي إلى التهاب الجرح، الأمر الذي يدفعهم لاستعمال مواد ضارة قد تسبب مضاعفات وأزمات كثيرة.
ممارسات خاطئة
وتزعم المعالجة الشعبية أم غازي أن الشمم يعد خطرا إذا تساهل به المريض بعد العملية، أو المرأة خلال فترة النفاس، باعتقادها أن الروائح العطرية وكذلك الهواء البارد يؤديان إلى التهاب الجرح، وكذلك إلى انتفاخ في البطن، وآلام متنقلة في منطقة القدمين والظهر.
وأشارت أم غازي لـ»مكة» إلى وجود ممارسات خاطئة عند النساء، فبعضهن يعتقدن أن شم عطر خفيف بعد الولادة مباشرة أو بعد العملية يخفف من إصابتهن بالشمم، فهذا التصرف الخاطئ قد يضاعف الإصابة به، مستنكرة عدم إيمان البعض بوجود الشمم، وإنكار الطب الحديث له بأن العطور لا تؤثر على الجروح، وهذا غير صحيح إطلاقا.
وعن الأدوية التي يصرفها المعالج الشعبي غالبا لمريض الشمم، ذكرت أم غازي أن مادة «المرة» تعد في الطب الشعبي مضادا لرائحة العطور والتهاب الجروح.
اعتقادات متوارثة
ولم تفلح محاولات الطب الحديث، في إقناع سيدات حائل اللاتي يؤمنّ بوجود الشمم، إذ أكدت لولوة الراشد أن الشمم موجود حتى لو حاول الأطباء إنكاره، مضيفة: «وقد توارثنا هذه المعلومات من أمهاتنا، فغالبا كبيرات السن لديهن خبرة كبيرة في الطب الشعبي، ومن المعروف لدينا، خاصة في حائل، عندما نذهب لزيارة مريض بعد العملية أو امرأة في فترة النفاس لا نضع عطرا حتى لا يصيبهم الشمم».
وبينت الراشد أن من يحاول إنكار المرض، لا يعي وجود الطب الشعبي الذي يعد موازيا للطب الحديث، ونجح كثيرون في التداوي عن طريقه، فلكل منهما مساره ولا يلغي أحدهما الآخر.
من جهتها، أوضحت أم وليد الشمري أنه عندما أجريت عملية جراحية لطفلتها، تركت استخدام العطور إطلاقا حتى التأم جرحها بعد فترة، وعند النفاس تتجنب وغالبية النساء رائحة العطور والهواء البارد، لإيمانهن بالشمم، حتى لو نفاه الأطباء.
وبينت أم وليد أن لديها عادة وأغلب قريباتها، فحينما يخرجن من غرفة الولادة، يقمن برش عطر خفيف في منديل ويستنشقنه لثوان، حتى إذا تعرضن لشم رائحة عطر يكن قد اعتدن عليه، ويكون تأثير الشمم عليهن قليلا جدا.
مطهر للجروح
الاستشاري ورئيس قسم الجراحة بمستشفى حائل العام الدكتور مصطفى الحصري أكد عدم وجود ما يثبت من الناحية العلمية أن روائح العطور تسبب التهابا وألما للجرح، لأن العطور تحتوي على نسبة كحول تعد مطهرا للجروح.
وقال الدكتور الحصري لـ»مكة» إن الطب الحديث لا يعترف بما يدعى مرض (الشمم)، وهذا الاعتقاد سائد بشكل كبير في حائل على وجه الخصوص، وبالغالب يكون المريض الذي يعتقد أنه أصيب بالشمم يعاني من قبل العملية من الحساسية بأنواعها، سواء كانت حساسية أنف أو جلد وغيرها.
وأفاد أن الأضرار التي يمكن أن تحدث تكون نتيجة حساسية فقط، أو إذا وضعت العطور على الأغشية المخاطية بطريقة مباشرة قد تسبب زيادة في الالتهابات، خصوصا الفطريات، والهواء الحار أو الدافئ قد يزيد نسبة التهاب الجروح، لأنه يؤدي إلى تعرق منطقة الجرح والتأثير عليه، خاصة إذا لم يكن الجرح محميا جيدا، وليس الهواء البارد كما يعتقد البعض.
استنشاق الضرر
وأضاف الحصري «المشكة أن المرضى لديهم اعتقاد راسخ بالشمم لا يتزعزع، وكأنه موروث ثقافي، والمشكلة الكبرى ليست بعدم تعرضهم للعطور، إنما تكمن باستخدام مواد ضارة، يعتقدون أنها نافعة، مما قد يسبب أضرارا بليغة، كمادة القطران ومادة المرة، إذ يعتقدون أنهم بمجرد استنشاقهما، سيحميون أنفسهم من أثر استنشاق العطور».
وأشار إلى أن مادة المرة يضعها المريض بعد خروجه من العملية مباشرة في أنفه أو في منديل ويستنشقها، ليتفادى رائحة العطور، فيضر نفسه بنفسه، والأكثر خطورة أنه لا يستنشقها فقط، بل يشربها ويجهل أنها تحتوي على مادة مرخية بشدة للأمعاء، قد تسب شللا في الأمعاء ومضاعفات، مؤكدا وصول حالات كثيرة بسبب الاعتقاد الخاطئ.